على الرغم من انقضاء نحو 9 أعوام من سيطرة قوات سلطة الأسد على أحياء مدينة حمص، إلا أن البضائع التي تمّت سرقتها (تعفيشها) من الأحياء بمختلف أنحاء سوريا، ما تزال تعرض أسبوع تلو الآخر داخل “سوق الحرامية” بحي الفاخورة على أطراف مدينة حمص الشرقية.
مراسل ‘‘حلب اليوم’’ في حمص، أكد اليوم الجمعة، تزايد أعداد البسطات التي تعرض البضائع “المعفشة” بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة ، وسط إقبال الأهالي لشرائها وتبضع ما يلزمهم من أثاث منزلي وقطع كهربائية، بالإضافة للألبسة المستعملة، ناهيك عن الأبواب والشبابيك وما سواها من الأغراض التي تظهر للعيان بما لا يدع مجال للشك فيه على أنه تمّت سرقتها من منازل متفرقة، سواء من أحياء حمص أو حتى من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي بعد سيطرة قوات سلطة الأسد على المنطقة خلال العام 2019 الماضي.
وأشار مراسلنا إلى أن انخفاض أسعار البضائع “المعفشة” بنسبة لا تتجاوز ربع قيمتها الحقيقة ضمن أسواق المدينة جعل من “سوق الحرامية” مقصداً للمدنيين الذين باتوا يُعانون في سبيل تأمين احتياجات منازلهم أثناء عملية الترميم، بالإضافة لما يلزم من قطع (السنكرة والكهربائيات والسجاد والأواني المنزلية).
الحاجة تدفع الأهالي للذهاب للسوق
الحاج “محمد” أحد أبناء حي كرم الزيتون المتاخم لمركز “سوق الحرامية” في حمص قال لمراسلنا: “يعتصر قلبي كل أسبوع عند ما يتكرر مشهد افتراش البسطات من قبل شبيحة سلطة الأسد الذين يعملون على تشغيل أطفال صغار على بسطات البضائع المعفشة، والتي تعود بملكيتها للمدنيين الذين ثاروا على هذه السلطة مع اندلاع أحداث الثورة السورية”.
وأضاف أن “ما يجري يعتبر بمثابة عقاب جماعي من قبل سلطة الأسد التي تعمل على توفير الحماية الأمنية لأولئك الشبيحة الذين نهبوا أحياء بأكملها، بالإضافة للمحلات التجارية التي تقبع ضمن الأحياء التي ما تزال تصنف لغاية الأن على أنها معارضة”.
من جهته تحدث أحد سكان حي القصور في حمص ويُدعى، “أبو عبدو”، لمراسلنا عن ارتياده كل يوم جمعة لـ “سوق الحرامية” من أجل البحث عن أشياء يحتاجها بعملية ترميم منزله لعدم قدرته على شرائها من المحلات التجارية، ولم ينفِ معرفته الضمنية أن تلك البضائع “معفشة” من منازل الأهالي التي دخلتها قوات سلطة الأسد عقب معاركهم مع الفصائل المقاتلة، إلا أن (الحاجة وعدم المقدرة على شراء الجديد منها) هو المبرر الرئيسي لقيامه بهذا الفعل.
ولفت في معرض حديثه إلى أن “سوق الحرامية” ينشط في كل مرة تنجح قوات سلطة الأسد بدخول إحدى مناطق الفصائل المقاتلة، من خلال عرض بضائع معروفة بمصدرها كما هو واقع الحال بما يخص غرف النوم الشامية التي عُرضت في وقت سابق بعد دخول قوات سلطة الأسد لمناطق الغوطة الشرقية، إضافة للسجاد والأواني المنزلية الفاخرة والأثاث المنزلي الذي تم عرضه ضمن السوق بعد سيطرتها بفترة وجيزة على مدن معرة النعمان وخان شيخون وسراقب.
بائعون من “الفرقة الرابعة”
وخصص بعض البائعين المقربين من “الفرقة الرابعة” أحد شوارع “سوق الحرامية” المتاخم لحي الأرمن من أجل عرض بضائع مهربة من لبنان (أواني المطبخ فرنسية الصنع) بالإضافة لمواد غذائية تركية المنشأ كما هو الحال بما يخص زيت الـ “ALZER” وزبدة “ONA” وحليب الأطفال التي باتت مركز بحث لأهالي مدينة حمص، نظراً لجودتها التي تتفوق بها على المنتج المحلي ناهيك عن فارق الأسعار المتواجدة بالسوق المحلية والتي يتم تهريبها من قبل “الفرقة الرابعة” من شمال شرق سوريا إلى مدينة حمص.
وما بين تأنيب الضمير لدى المقبلين على شراء البضائع التي يعرفون ضمنياً أنها “معفشة”، وبين عدم القدرة على شراء الجديد منها، تستمر عملية بيع البضائع بشكل متتالي من أسبوع إلى أخر ضمن السوق الذي بات يشتهر بين الأهالي بـ “سوق الحرامية”، ليذكروا دائماً أن مصدر تلك البضائع هو من عمليات السرقة و”التعفيش” التي تقوم بها قوات سلطة الأسد، وفقاً لمراسلنا.
