أصدّرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية تقريراً، أمس الثلاثاء، تحدثت فيه عن مجزرة “الكيماوي” التي ارتكبتها قوات سلطة الأسد في الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق عام 2013، مشيرةً إلى دور الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” تجاه ذلك.
وقالت المجلة، إن ذلك اليوم الذي قُصفت فيه الغوطتين بـ “الكمياوي”، كان الأكثر دموية في سوريا، موضحةً أن تلك الخطوة تحدّت “أوباما” حينها، للعمل بناء على تحذيره بأن “الخط الأحمر” بالنسبة لواشنطن هو أن تبدأ في رؤية مجموعة كاملة من الأسلحة الكيميائية يتم نقلها أو استخدامها.
وبحسب المجلة، فإن “أوباما” بدلاً من أن يوجّه ضربة قوية رداً على مجزرة “الكيماوي”، قرّر أولاً أن يطلب التصويت في الكونغرس، ثم وافق على عدم التحرك على الإطلاق.
في حين قال المنتقدون لخطوة “أوباما”، إن “إحجام أوباما عن معاقبة بشار الأسد قلل من مصداقية أمريكا، وأن العواقب لا تزال محسوسة حتى الآن”، حسبما أوردت المجلة.
“فرانسوا هولاند” الذي كان رئيساً لفرنسا في ذلك الوقت، أفاد في حديثه مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، بأن الأمر “كان سيئاً بشكل خاص بالنسبة للشرق الأوسط، وكان حاسماً عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الغرب وروسيا”.
واعتبرت المجلة أن “خط أوباما الأحمر شكّل حالة غريبة في السياسة التي أتت مصادفة ثم حققت نجاحاً باهراً بمفهومها الخاص، وبعدها أصبح الجميع يتذكرها على أنها فشل تاريخي. وهذا ما يثير تساؤلات حول مدى المصداقية التي بوسع القادة والرؤساء أو يجب عليهم أن يجعلوها محور مخططاتهم وسياساتهم”.
وأعربت المجلة عن استغرابها بالنسبة لـ “أوباما”، أنه تعثر بـ “الخط الأحمر” الذي وضعه، إذ على الرغم من أن المصطلح يُشير إلى أنه قرّر تحديد مهلة بعدما درس خياراته بدقة، ليفاجئ معاونيه في البيت الأبيض خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في العشرين من آب عام 2012، عندما كان الاندفاع بادياً عليه، فتحدث عن العواقب التي ستواجه سلطة الأسد في حال استخدامه للسلاح الكيماوي، ولم تنقل وقتئذ سوى بضع محطات إخبارية تصريحاته، ولعل ذلك يعود إلى أن السياسيين خلصوا على الفور إلى أن الإدارة الأمريكية ستبقى على تفضيلها لعدم التدخل في سوريا.
وحول ذلك، قال المسؤول سابق في إدارة “أوباما”، “ستيفين سايمون”: “كادت تلك التصريحات أن تفجر قنبلة على الفور بدون أن يكون هناك أي فتيل للتأجيل مربوط بها”.
ولفتت المجلة إلى أن الأهم من كل ذلك هو أن “أوباما” نفسه تردّد في الأمر، إذ في كانون الأول من عام 2012 وفي آذار من عام 2013، وجهت إلى “الأسد” اتهامات باستخدام أسلحة كيماوية ضد شعبه، وفي التاريخ الأول وصف “أوباما” تلك الأسلحة بأنها غير مقبولة على الإطلاق.
أما في المناسبة الثانية، فقد وصفها بأنها عامل يغير اللعبة برمتها، وبالرغم من أن ذلك زاد التوقعات حدّة، فإنه بعد مرور ثلاثة أسابيع على مجزرة الكيماوي في الغوطة، أنكر “أوباما” فجأة بأن مصداقيته أصبحت في خطر عندما قال: “لم أحدد خطاً أحمر، بل العالم هو من وضع هذا الخط”.
“إيكونوميست” نوّهت إلى أنه لو كان هدف “أوباما” منع سلطة الأسد من استخدام غاز الأعصاب، لكان نجاحه فاق التوقعات.
وتابعت: “بعد مرور بضعة أسابيع على الهجوم الكيماوي على الغوطة، تقدمت روسيا بخطة لاستقدام مفتشين دوليين ليشرفوا على تفكيك برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا، في حال عدم رغبة أميركا بتنفيذ ضربة عليها”.
وعن ذلك، يعلّق الخبير بالسلاح الكيماوي ومدّرس في جامعة “جورج ماسون” بفيرجينيا، “غريغوري كوبلينتز” بالقول: “كانت صفقة إخضاع سوريا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية من أعظم الإنجازات في مجال منع انتشار هذا النوع من السلاح في القرن الحادي والعشرين”.
وفي 21 آب 2013، شنّت قوات سلطة الأسد هجوماً بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق الشرقية والغربية، مستهدفةً المنطقتين بصواريخ مُحمّلة بغاز السارين، أسفر عن مقتل 1144 شخصاً خنقاً، بينهم 99 طفلاً و194 امرأة، وإصابة 5939 شخصاً، حسبما وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.