ياسر العلاوي
تتشارك روسيا والولايات المتحدة وبدرجة أقل إيران السيطرة على منطقة شرق الفرات، إما بالوجود المباشر وإنشاء قواعد هناك مثل قاعدتي حقل العمر وهيمو التابعتان للتحالف الدولي أو القاعدة الروسية في مطار القامشلي، أو عن طريق دعم قوى وميليشيات منتشرة في تلك المنطقة مثل ميليشيا قسد المتحالفة مع الجيش الأميركي والدفاع الوطني المتحالف مع روسيا.
أما إيران فلها تدخل من نوع آخر، حيث عملت إيران على التغلغل بين مشايخ العشائر ووجهائها، إضافة إلى وجودها في القرى السبع الموجودة عند مدخل مدينة دير الزور الشمالي، بهدف حماية وجودها شرقي سوريا وتقوية نفوذها، وأيضاً لعدم استهدافها من “الخاصرة الرخوة” ضفة الفرات الشرقية التي تنشط فيها قوات التحالف وما يتبع لها.
الصحفي السوري فراس العلاوي قال لموقع حلب اليوم “إن التدخل الروسي موجود شرق الفرات ولكن بصورة أضعف من التدخل الايراني، لأن الروس ركزوا على غرب سوريا ومناطق الساحل بما يخدمهم استراتيجيا ومناطق دمشق”.
وأضاف العلاوي “أما شرقي سوريا فكان أكثر النفوذ لإيران لأنه يمثل بداية المشروع الإيراني وهو مدخل إيران من العراق إلى سوريا، وبالتالي الوجود الإيراني هو وجود أكبر من الروسي، حيث تنتشر المراكز الروسية قرب المؤسسات الأمنية التابعة للنظام (المربعات الأمنية).
كما يرى المحلل السياسي الدكتور محمود حمزة أن وجود روسيا شرق الفرات كان منذ بداية التدخل الروسي في سوريا، حيث وجد الروس مكاناً لقوات فاغنر هناك، كما قال لموقع حلب اليوم “تمثل الوجود الروسي شرق الفرات بوجود قوات فاغنر، وهذا ما ولد حالة صدام مع القوات الامريكية والاستهداف الشهير الذي اودى بحياة كثير من عناصر فاغنر، وألحقت بهم خسائر فادحة”.
وأضاف حمزة “هناك علاقة جيدة بين الروس وقوات سوريا الديمقراطية، وزيارات متعددة لقيادات روسية إلى الحسكة والقامشلي، على الرغم من أن قسد حليفة الأمريكيين، إلا أن السياسة تفرض قوانينها هنا”.
الحسكة والقامشلي، المدينتان الرئيسيتان في الإدارة الذاتية وجناحها العسكري قسد، كما يوجد فيهما مؤسسات تابعة لسلطة الأسد ومفارز أو فروع لأجهزة الأسد الأمنية، أي بمعنى آخر وجود روسي فعلي فيهما، إضافة إلى وجود قاعدة عسكرية روسية في مطار القامشلي، وهنا يقول الصحفي فراس العلاوي “إن الوجود الروسي في القامشلي والحسكة أكبر من النفوذ الإيراني فيهما على الرغم من الوجود القوي للتحالف الدولي وعلى رأسه الجيش الأميركي، إلا أن الوجود الإيراني في دير الزور أقوى وأكثر فاعلية من الوجود الروسي، وهذا يفسر ربما استهداف الميليشيات الإيرانية القواعد التابعة للتحالف الواقعة بريف دير الزور الشرقي شرق الفرات”.
وهذا ما أكده الدكتور محمود حمزة بوجود نفوذ روسي في الحسكة والقامشلي أكبر من النفوذ الإيراني، إلا أن مشروع إيران -على الأقل حالياً- يبني وجوده على المنطقة القريبة من نهر الفرات في دير الزور.
وأكد الدكتور حمزة على أن “قسد تعتبر ذراع للنظام، عناصرها يسيرون جنباً إلى جنب مع قوات النظام والميليشيات الإيرانية في الحسكة، رغم ما يحدث الآن من اشتباكات بسبب دوافع مختلفة لدى الطرفين ولكن من الممكن جداً أن يحدث اتفاق ويعود الأمر لسابق عهده، لأن الأمر بيد الروس والإيرانيين والنظام هزيل غير قادر على إبرام اتفاقات بدون روسيا وإيران”.
وعن احتمالية إبرام اتفاق بين سوريا والولايات المتحدة شرق الفرات يشابه الاتفاق الذي جرى في الجنوب قال الصحفي فراس العلاوي “يحاول الروس ربما لأخذ المبادرة من الإيرانيين بلقاء مع نواف وإبراهيم الهفل، وبالتالي من الممكن أن تكون هناك تهدئة ولكن بشروط معينة يفرضها الروس بالمنطقة”، وأضاف “روسيا لا تريد التصعيد في القامشلي والحسكة، وربما ما يجري من حصار المربعات الأمنية في المدينتين هو ضغط من قسد على نظام الأسد وروسيا لتخفيف الضغط عنها في دير الزور، هذا الضغط الذي تحاول إيران فرضه لتحقيق مكاسب في تلك المنطقة، في النهاية من الممكن ان نرى تهدئة على الطريقة الروسية إذا أرادت روسيا تحقيق ذلك”
فيما يرى الدكتور محمود حمزة أن بقاء بشار الأسد في السلطة بعد كل هذه الفترة، لا يحقق مكاسب لروسيا رغم دعمها له، وهي تبحث عن مخارج من الأزمات المتلاحقة وآخرها المواجهات مع قسد، وأضاف الدكتور حمزة لحلب اليوم “روسيا لا تريد الفوضى، هي تحاول السيطرة بشكل أو بآخر على سوريا كاملة وأن تكون تحت نفوذها، ولكن بدون فوضى، وهذا ربما يعزز مكانتها في المنطقة العربية، خاصة بعد حرب غزة ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل، وهذا ما يزيد النظرة السلبية للوجود الأمريكي في الشرق الأوسط ككل”.
وتبحث روسيا عن طريق لتنفيذ اتفاق قد يكون مشابهاً للاتفاق في درعا، الأمر الذي يضمن لها الوجود الفعلي شرقي الفرات ومزاحمة الولايات المتحدة على المكاسب الاقتصادية هناك، وأيضاً لأخذ دور إيران في المنطقة وكسب ثقة وود الاهالي هناك، وبالتالي تحقيق خطوات في المناطق التي تعتبر تحت النفوذ الأمريكي، خاصة وأنها تحتوي على سلة اقتصادية متنوعة من ثروات باطنية غزيرة من النفط والغاز، وأيضاً منطقة استراتيجية واقعة على الحدود العراقية والتركية في آن معاً.