ياسر العلاوي
بريطانيا قبلة المهاجرين واللاجئين، فنعيم لندن المغري يفتن عقل الهاربين من دول العالم الثالث القابعين تحت سطوة حكامهم وتخلف دولهم اقتصادياً واجتماعياً خاصة على مستوى الحريات وحقوق الإنسان، لكنهم ومع وصول البريطاني من أصل هندي ريشي سوناك إلى رئاسة الوزراء في بريطانيا، انطفأ نور الخلاص الذي بحث عنه اللاجئون طويلاً.
لم يخفِ رئيس الوزراء سوناك سعادته بإقرار البرلمان البريطاني بشقيه (مجلس العموم ومجلس اللوردات) قانون ترحيل اللاجئين إلى رواندا المثير للجدل في الثاني والعشرين من نيسان 2024 الجاري، بعد أن خاضت حكومته شهوراً من المعارك السياسية والقانونية والقضائية.
صهيب الجابر صحفي سوري في بريطانيا تحدث لحلب اليوم عن مستجدات قرار الترحيل مبيناً “أن الشرطة البريطانية احتجزت عدداً من طالبي اللجوء بينهم سوريون، وقيل لهم أنهم سيكونون على متن أول طائرة إلى العاصمة الرواندية كيغالي، المحتجزون قدموا طعوناً بقرار احتجازهم وبانتظار النتيجة، في ذات الوقت طعنت المحكمة العليا الإيرلندية بقرار مجلس اللوردات والحكومة”.
هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي نشرت خطة وزارة الداخلية لتدريب 800 موظف مختصين بمرافقة المُرحلين خارج بريطانيا واستأجرت منشأة لذلك بتكلفة عالية وصلت إلى 6.4 مليون جنيه إسترليني لمدة عام لرفع كفاءة موظفي إنفاذ قانون الإبعاد، إضافة إلى تكلفة التدريب.
المدير التنفيذي لموقع اقتصادي يونس الكريم قال لموقع حلب اليوم “إن التكلفة العامة لنقل المهاجرين إلى رواندا أقل من كلفة الاحتفاظ بهم على اعتبار أن مصاريف نقلهم والاتفاق مع رواندا لا تتخطى مليار جنيه إسترليني، فيما بلغت تكلفة الاحتفاظ باللاجئين سنة 2023 ما يقارب 6.5 مليار جنيه”.
وأردف الكريم “هذه الخطة ستخفف إنفاق الحكومة البريطانية على اللاجئين، وأيضاً تخفف من الأعباء الإدارية التي تترتب على متابعة اللاجئين ومراقبة البعض منهم والزيادة المحتملة في أعمال الموظفين المتخصصين بشؤون الهجرة واللجوء في بريطانيا”.
الفئة الأكثر تضرراً من الخطة البريطانية هم اللاجئين المرفوضة طلبات لجوئهم دون التمييز بين الجنسيات حتى وإن كانت بلادهم تشهد حرباً، هذا ما قاله الصحفي صهيب الجابر منوهاً إلى “أن بريطانيا وفق الرؤية الجديدة، ترفض إعطاء اللجوء للمارين ببلدان آمنة قبل الوصول إليها، وأنه كان لديهم الفرصة لتقديم طلب لجوء في تلك البلدان لذلك لا تدرس طلباتهم ضمن دائرة الهجرة البريطانية، بل في دائرة الإبعاد ويمكن أن تعيدهم بريطانيا إلى إحدى هذه الدول”.
بينما توجه الاقتصادي يونس الكريم لباب آخر “الخطر الكامن في هذا المشروع متمثل بانتقائية الحكومة البريطانية وفرز اللاجئين حسب الفائدة المرجوّة من كل لاجئ، إضافة إلى نظرتها نحو الجيل القادم ومدى دمجهم في المجتمع ليشكلوا قوى عاملة مجتمعية في المستقبل”.
الحكومة البريطانية لطالما تحدثت رؤيتها الموحدة لجميع المهاجرين واللاجئين إليها وأنه لا توجد اسثناءات، واختيار المشمولين بقرار الترحيل كان عشوائيا، وأن المحتجزين من جنسيات وفئات عمرية مختلفة وفترات وجودهم في بريطانيا تتراوح بين 5 أشهر و7 سنوات، لكن الصحفي صهيب الجابر أكد أن “نظرة الحكومة لكل اللاجئين واحدة إلا أن التعامل مع حالات اللجوء مختلف من حالة لأخرى دون تبيان مقومات القبول أو الرفض”.
في الآونة الأخيرة قالت وسائل إعلام بريطانية أن حكومة سوناك تبحث عن وجهات أخرى غير رواندا، وتفتح الملف مع دول إفريقية وشرق أوسطية، مستخدمة قانون ترحيل اللاجئين ورقة في الانتخابات المقررة في 4/7/2024 ولكن ماذا لو أن حكومة سونار سقطت في الانتخابات؟
الصحفي صهيب الجابر يقول إنه “حتى لو سقطت حكومة سوناك من المفترض أن يتم تطبيق القرار لأنه قرار دولة وليس قرار حزب، إلا أن حزب العمال قال في حالة فوزه سيعمل على تجميد سياسة الترحيل إلى رواندا”. مضيفاً أن “هنالك غموضٌ في هذه النقطة عموماً لأن سوناك قال إن أول رحلة لن تُقلع إلا إذا أعاد البريطانيون انتخابه”.
ورغم أن كيغالي تعد وجه إفريقيا المشرق من حيث درجة الأمان والسياحة، إلا أن اللاجئون المرحلون من بريطانيا إليها قد يواجهون ترحيلاً آخر إلى مناطق سلطة الأسد، وأيضاً قد لا يتقاضى المرحلون مساعدات لجوء بسبب الغموض الذي يلف مرحلة ما بعد الترحيل، وهكذا تكون كيغالي الجميلة جحيماً على اللاجئين.