ياسر العلاوي
للسنة الثانية على التوالي عقدت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا وبمشاركة نحو 5 آلاف شخصية من ممثلي العشائر والطوائف الدينية والأطياف السياسية السورية في دير الزور والحسكة ملتقى العشائر تحت شعار “حوار، أمان، بناء من أجل سوريا موحدة لا مركزية”.
الملتقى جاء بعد فترة دامية استمرت أشهراً بدأتها قوات سوريا الديمقراطية بالهجوم على مدن وقرى ريف ديرالزور الشرقي بعد اعتقالها أحمد الخبيل قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لقسد، لتبدأ اشتباكات مع أبناء العشائر راح ضحيتها عشرات المدنيين ومئات المعتقلين حيث استعادت قسد السيطرة على المنطقة بعد تدخل قوات التحالف إلى جانبها.
الإعلامي إبراهيم الحسين قال لحلب اليوم “إن المشايخ والوجهاء الحاضرين في هذا الاجتماع عينتهم قسد كوجهاء في مناطقهم وغير مرحب بهم من قبل الأهالي باستثناء الشيخ حاجم البشير أحد مشايخ قبيلة البكارة في دير الزور”.
وبرزت مطالب حاجم البشير في الملتقى بوصفه شيخاً ووجيهاً من قبيلة لها ثقلها في دير الزور، وتحدث البشير عن مطالبات بإلغاء عسكرة النساء باعتبارها أمراً غير مقبولا لدى العشائر العربية، قائلاً: “الناموس خط أحمر” مشيراً إلى القوانين والأعراف العشائرية وضرورة مراعاتها، كما طالب البشير بإخراج جميع النساء السوريات المحتجزات في المخيمات (المخصصة لعائلات تنظيم الدولة مثل مخيم الهول) وإصدار عفو عام يخرج بموجبه عدد كبير من المساجين عدا المتهمين بالانتماء للتنظيم، ودعم المكون العربي بـ “شراكة حقيقية” دون وصاية، كما طالب بدعم الزراعة بشقيها الزراعي الحيواني وتحديد أسعار جيدة.
واستغل قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الحدث ليؤكد أن “قسد هي قوة أساسية في حماية الحدود والمحافظة على المؤسسات الوطنية”.
وأضاف بلهجة خالطها التهديد “إنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في سوريا دون الاعتراف بمؤسسات الإدارة الذاتية العسكرية والمدنية”.
من جهته قال الإعلامي إبراهيم الحسين “إن الهدف من هذا الاجتماع هو محاولة قسد تصدير المشهد للرأي العام على أن جميع العشائر ترحب بقسد، وأن من قاتلهم في الآونة الاخيرة في دير الزور هم خلايا لتنظيم الدولة وإيران وليس من أهالي دير الزور ولا ينتمون للعشائر العربية“.
وأضاف الحسين إن قسد لم تلتفت للمطالب المهمة التي تقدم بها أبناء ديرالزور منذ عام 2018 حتى اليوم مثل توفير فرص العمل وإعادة تأهيل البنى التحتية وضبط العملية التعليمية وغيرها من أساسيات المتطلبات المعيشية، بالمقابل تعمدت قسد تسخير موارد ديرالزور لبناء مناطق خاصة بها في الحسكة والقامشلي”.
البيان الختامي للملتقى ألقاه مانع دهام الهادي شيخ قبيلة شمّر، وجاء فيه مطالبة جامعة الدول العربية بتحمل مسؤولياتها بالنسبة لسوريا والدعوة لحوار سوريّ سوري ومع شعوب ودول المنطقة، مشدداً على أن “سوريا دولة موحدة لا مركزية تتسع لجميع السوريين بكل مكوناتهم وأطيافهم ومشاربهم”.
الإعلامي إبراهيم الحسين رد على البيان مبيناً “افتقاره لمخرجات حقيقية، ولم يتطرق لمطالبات أهالي المنطقة ومعاناتهم، كما أنه لم يُشرْ إلى معاناة القابعين في مخيم الهول رغم أنه من أهم مطالب الوجهاء التي قدموها للإدارة الذاتية قبل الملتقى”.
وأضاف الحسن أن قسد تجاهلت مطالب الشيخ حاجم البشير بترك إدارة المناطق العربية لأبنائها، وشدد على أن “قسد لن تسمح بهذا الأمر مطلقاً”.
وبعد الأحداث التي دارت نهاية 2023 وبداية 2024 والتي شهدت اقتتالاً عنيفاً بين قسد وأبناء العشائر العربية في ديرالزور، ومحاولات قسد الحالية احتواء الموقف بهذه اللقاءات والاجتماعات يرى إبراهيم الحسين ” أن الحل لا يمكن يكون عشائرياً بالمطلق إنما يكون بتشكيل إدارة مدنية لإدارة دير الزور والمناطق العربية، وتشكيل قوة لحفظ الأمن والنظام من أبناء المنطقة تكون برعاية أمريكية ودولية ومستقلة في قراراتها”.
وكانت الإدارة الذاتية قد دعت لإجراء ملتقى حوار موسع يشمل السوريين بكل أطيافهم وانتماءاتهم، دون التنازل عن فكرة اللامركزية وإدارة ما أطلقت عليه “الأقاليم” ذاتياً، كما أن الملتقى الأخير لم يتطرق للعلاقة مع سلطة الأسد ولم يأتِ على ذكر وجود الميليشيات الإيرانية في مناطق سيطرة قسد، مكتفياً بإبراز تبعية وجهاء العشائر ومشايخها للإدارة الذاتية.