ضبطت الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، أمس الخميس 8 فبراير/شباط، شحنة من المخدرات قادمة من مناطق سيطرة سلطة الأسد، فيما ألقت القبض على خمسة أشخاص، في وقتٍ ضبطت شحنة مخدرات مماثلة قادمة من مناطق الأسد، على يد حركة رجال الكرامة أثناء مرورها في مدينة السويداء، جنوبي البلاد، في طريقها لدول الخليج العربي.
ونشرت الشرطة العسكرية في عفرين، بياناً يوم أمس أكّدت أنها ضبطت 50 كيلو غرام من مادة الحشيش، قادمة من مناطق سيطرة سلطة الأسد إلى مدينة عفرين شمالي حلب.
ووصف بيان الشرطة العملية بـ “المحكمة”، وأنهم تمكنوا من القبض على خمسة أشخاص وتقديمهم للمحاكمة.
وفي الأثناء، ضبطت حركة رجال الكرامة بالتعاون مع فعاليات مدنية من السويداء، حوالي 200 ألف حبة كبتاغون، كانت معدة للتهريب إلى دول الخليج العربي، عبر شاحنة نقل بالعبور.
وفق موقع “السويداء-24″، فإن شحنة المخدرات اكتُشفت بالصدفة في شاحنة نقل بالعبور، اشتراها مواطن من أهالي السويداء قبل عدة أيام من محافظة حمص، وكان ينوي العمل بها بين سوريا ودول الخليج.
وأشار إلى أن المواطن الذي اشترى الشاحنة، أجرى لها عملية صيانة في ورشة بريف دمشق، وتفاجأ بعد خروجها من الورشة، بوجود زوائد عليها لم تكن موجودة مسبقاً، سببت احتكاكاً مع الإطارات، ما دفعه للتوجه إلى ورشة أخرى في مدينة السويداء.
وفي الورشة الثانية في مدينة السويداء، وخلال عملية فك بعض الأجزاء في الشاحنة والزوائد التي تم تركيبها في ريف دمشق، تبين وجود كميات من الكبتاغون مخبأة بعناية.
وبحسب المصدر، أبلغ المواطن وصاحب الورشة، عدداً من أبناء مدينة السويداء وحركة رجال الكرامة بالحادثة، وقامت كوادر الحركة بالتعاون مع الفعاليات الأهلية، بإجراء عملية مسح لكافة الأجزاء في الشاحنة، أدت لاكتشاف كميات كبيرة من الكبتاغون مخبأة في تلك الأجزاء.
وقررت الحركة “بحسب الموقع”، إتلاف الشحنة اليوم الجمعة، بحضور الفعاليات الدينية والاجتماعية، في رسالة تهدف للتأكيد على الرفض المجتمعي الحازم لعمليات تهريب المخدرات عبر محافظة السويداء إلى دول الجوار.
من أين تأتي المخدرات؟
تُجمع التقارير ومراكز الدراسات وجّل الدول العربية والأوروبية على أن سلطة الأسد هي المصدر الأول عالمياً لصناعة الكبتاغون، والدليل على ذلك وفقاً لموقع “رويترز” أن كبح تجارة الكبتاجون أصبح مطلباً رئيسياً خلال السنوات الماضية لعدة دول عربية لإعادة العلاقات مع رأس سلطة الأسد “بشار”.
وتؤكد أجهزة المخابرات في دول المنطقة على أن الكبتاغون لا يزال يُنتج في مصانع صغيرة على طول الحدود السورية اللبنانية، وكذلك في مصانع أكبر حجماً بالقرب من الحدود السورية مع الأردن، ويُديرها شخصيات مقربة من سلطة الأسد وإيران وحزب الله.
وتُلقي الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي باللوم على سلطة الأسد في إنتاج الكبتاغون والمواد المخدرة الأخرى والعمل على تصديره، كما وتتهم ماهر الأسد شقيق “بشار”، قائد الفرقة الرابعة، بأنه أحد الأشخاص الرئيسيين المتورطين في هذه التجارة.
وقدرت السفارة البريطانية في لبنان مطلع العام الماضي بأن تجارة الكبتاغون تدر على سلطة الأسد ما يقارب 57 مليار دولار سنويا، فيما قال تحقيق مطوّل لصحيفة دير شبيغل الألمانية، حمل عنوان “سوريا: تهريب المخدرات بإشراف من نظام بشار الأسد”، في يونيو/حزيران من عام 2022، إن رموز النظام متورطون في تجارة المخدرات التي تتجاوز الحدود السورية وتصب في الخليج وأوروبا بعوائد وصلت إلى 5.7 مليار دولار عام 2021 وحده.
ويؤكد التقرير على أن سلطة الأسد تستخدم هذه التجارة كوسيلة للبقاء سياسيا واقتصاديا إثر العقوبات المفروضة عليها، لتصنف كأبرز جهة مُنتِجة ومصدرة لهذه الحبوب.
وفي آذار الماضي، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية شخصيات مقربة من عائلة الأسد ضمن قائمة العقوبات، على خلفية دورهم في إنتاج وتهريب “الكبتاغون”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد وقّع في أواخر عام 2022، عقب إقرار الكونغرس، مشروع قانون لمكافحة إنتاج الكبتاغون التي تصنعه سلطة الأسد.
ما هو الكبتاغون؟
يُعرف هذا الصنف باسم “كوكايين الفقراء’، ويُعتقد أنه مصنوع من مزيج من الفينيثايلين والكافيين ومواد أخرى، ويولّد الكبتاجون قدرة على مقاومة النوم والجوع.
وفي حقيقة الأمر فإن “الكبتاغون’ هو إسم لمادة تجارية منبهة جرى إنتاجها لأول مرة في ألمانيا في ستينيات القرن الماضي للمساعدة في علاج اضطرابات نقص الانتباه، والخدار وهو خلل عصبي يؤثر على قدرة المخ على التحكم في دورات النوم واليقظة، وحالات مرضية أخرى.
وتوقف العمل به بعد ذلك، لكن استمر إنتاج صنف منه بشكل غير قانوني في شرق أوروبا ثم في المنطقة العربية لاحقا، وأصبح ذائع الصيت في الصراع السوري الذي اندلع في أعقاب احتجاجات مناهضة لسلطة الأسد في 2011.