خليل السامح – حلب اليوم
عثر أهالي منطقة عمريت في طرطوس على الساحل السوري، على أطنان من المساعدات الأممية مدفونة تحت الأرض، في الوقت الذي يُعاني فيه القاطنين في مناطق سيطرة سلطة الأسد من أوضاع اقتصادية ومعيشية سيئة، إضافة إلى ارتفاع حد الفقر والجوع.
الصحفي الموالي لسلطة الأسد “كنان وقاف”، قال في منشورٍ له على حسابه في موقع “فيسبوك“، مساء أمس الثلاثاء، إن أهالي منطقة عمريت في ططروس تفاجؤوا بوجود أطنان من المساعدات الأممية مدفونة تحت الأرض في مواقع متعدّدة على جغرافيا منطقتهم.
وأضاف “وقاف”، أن الأهالي اكتشفوا هذه المواد بمحض الصدفة من قبل بعض الأطفال الذين كانوا يلعبون في المنطقة، مشيراً إلى أن هذه المواد قد تم التخلص منها بالدفن، وذلك لانتهاء مدّة صلاحيتها بعد تخزين طويل.
وتشمل هذه المساعدات – حسب “وقاف” – العديد من المواد الغذائية (رز، عدس، شاي، حًمّص، حليب، بسكويت أطفال، تمر، عصائر طبيعية) بالإضافة إلى الأدوية وبعض المستخدمات الطبية.
وأرفق الصحفي الموالي المنشور بصور كُتب عليها، إن هذه المساعدات مسلّمة لحكومة سلطة الأسد عبر ميناء اللاذقية، ومن إنتاج عدّة دول مثل الإمارات، والهند، والصين، وأندونيسيا.
ورجّح مراقبون أن تكون هذه المساعدات قد أُرسلت إلى سلطة الأسد، بعد الزلزال المُدّمر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من شباط الماضي، والذي أسفر عن وفاة الآلاف، وخلّف أضراراً مادية كبيرة.
“الشبكة السورية”: سلطة الأسد نهبّت المساعدات الأممية
تعليقاً على الموضوع، صرّح مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، “فضل عبد الغني”، لـ “حلب اليوم”، بأنه في حال كانت هذه الصور صحيحة، فهذا يؤكّد صحّة التقارير التي تحدثت عنها الشبكة خلال السنوات الماضية، وهي سرقة سلطة الأسد للمساعدات الأممية.
ونوّه “عبد الغني” إلى أن سلطة الأسد لا تؤتمن على هذه المساعدات، مضيفاً: “سلطة الأسد إما تنهب المساعدات، أو تُوزعها لمناطق غير متضررة من الزلزال، أو لموالين لها، أو تبعيها”.
وتابع: “كل ذلك يُثبت أن النتيجة واحدة، وهي نهب سلطة الأسد لتلك المساعدات، وعدم توزيعها على المحتاجين في مناطق سيطرته”.
ولفت مدير “الشبكة السورية” في معرض حديثه لـ “حلب اليوم”، إلى أن نسبة سرقة المساعدات في مناطق سلطة الأسد عالية جداً، إذ وصلت هذه النسبة إلى 90%، مشيراً إلى أن هذه النسبة غير مسبوقة في تاريخ سرقة المساعدات.
استيلاء سلطة الأسد على المساعدات
في أذار الماضي، كشفت “الشبكة السورية” استغلال سلطة الأسد لكارثة الزلزال في نهب المساعدات الإنسانية والدعاية السياسية لغرض إعادة العلاقات معها.
واستندت “الشبكة السورية” في تقريرها إلى “المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار”، وبالاعتماد على “شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة”، إضافةً إلى “تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة”.
وبحسب الشبكة، فقد عمدت سلطة اﻷسد لاغتنام هذه الكارثة للتغطية على الدمار الذي تسببت بها عملياتها العسكرية على المناطق التي استعادت سيطرتها عليها، فقامت بعمليات هدم لمئات الأبنية بذريعة تصدّعها جرّاء الزلازل.
استيلاء سلطة الأسد على المساعدات، جاءت في ظل ارتفاع حدّ الفقر في مناطق سيطرة الأسد، الأمر الذي أكّدته مصادر خاصة لـ “حلب اليوم”، والتي أشارت إلى حرّمان المواطنين من عدّة أطعمة، على رأسها اللحوم.
وبيّنت المصادر، أن نسبة الجوع وصلت إلى مستوى غير مسبوق في مناطق سلطة الأسد، حتى بات التجار يحتكرون البضائع، متسائلةً “سلطة الأسد ترفع الأسعار ورواتبنا لا تكفي لمدّة 10 أيام، متى الخلاص من هذا الوضع؟
“الفيتو” الروسي
بعد كارثة الزلزال، أرسلت عدّة دول مساعدات إنسانية إلى مناطق سلطة الأسد، وذلك منذ اليوم الأول لوقوع الكارثة، بينما دخلت المساعدات الأممية إلى مناطق الشمال السوري بعد نحو 4 أيام.
وترافق الزلزال، مع اقتراب تصويت مجلس الأمن الدولي حول تمديد إدخال آلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى الشمال السوري.
وفي 11 من تموز الماضي، استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو”، ضد قرار مجلس الأمن الذي يهدف إلى تمديد إيصال المساعدات الإنسانية لمدة 9 أشهر من خلال معبر “باب الهوى” شمالي إدلب الحدودي مع تركيا.
بينما صوّت أعضاء مجلس الأمن الـ 13 الباقون لصالح القرار، الذي صاغته سويسرا والبرازيل، بينما امتنعت الصين عن التصويت، في حين تصّر روسيا على تمديد القرار لمدة 6 أشهر فقط.
حصر المساعدات في مناطق سلطة الأسد
سلطة الأسد تصّر على إدخال المساعدات الإنسانية بموافقتها، ووضعها تحت شروطها، إذ واقفت في وقتٍ سابق على تمديد المساعدات الإنسانية الخاصة بالاستجابة الطارئة لكارثة الزلزال عبر معبري “باب السلامة” و”الراعي” بريف حلب.
كما سمحت سلطة الأسد بتمديد المساعدات عبرهما للمرة الثانية لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في 13شرين الثاني المقبل.
من جانبه، طالب فريق “منسقو استجابة سوريا” المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالعدول عن الاتفاق الذي أُبرم مع سلطة اﻷسد، متقدماً بجملة من الاقتراحات لتجاوز “فيتو” مجلس الأمن.
ودعا الفريق إلى اتخاذ حلول لمنع تحكم سلطة اﻷسد في عمليات دخول المساعدات، مقترحاً لعودة المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة إلى ما قبل قرار 2165/2014 من خلال العمل بشكل خارج نطاق آلية التفويض.
كما أكّد أنه من الممكن تحويل التمويل الخاص بوكالات الأمم المتحدة، إلى منظمات دولية غير حكومية، بحيث تقوم بتوزيع الدعم المقدم إلى الجهات المحلية (منظمات المجتمع المدني، جمعيات،… الخ)، وأنه بإمكان أي دولة عضو في مجلس الأمن الدولي الدعوة إلى اجتماع استثنائي للجمعية العامة للأمم المتحدة والتصويت على القرار الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وذلك خارج نطاق مجلس الأمن.
وأوضح الفريق أن اﻷمم المتحدة تستطيع بموجب تلك الاقتراحات ضمان عدم استخدام حق النقض”الفيتو” من قبل الروس، مع إمكانية انشاء صندوق للتمويل الإنساني خاص بسوريا، بدلاً من صندوق التمويل الإنساني الخاص بالأمم المتحدة.
وما يزال ينتظر السوريون في شمال غربي البلاد – وفقاً لمتابعين – دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المنطقة، وتوزعيها على المحتاجين، وعدم تحكم سلطة الأسد في تلك المساعدات.