عادت أزمة مياه الشرب في محافظة السويداء جنوبي سوريا إلى الواجهة من جديد، حيث تفاجأ الأهالي بارتفاع تكاليف نقل المياه، وسط أوضاع اقتصادية متردّية.
وقال مراسل “حلب اليوم” في السويداء، اليوم الأحد، إن سعر صهريج مياه الشرب في المحافظة أصبح بـ 350 ألف ليرة سورية بدلاً من 250 ألف ليرة، حيث جاء هذا الارتفاع خلال يوم واحد فقط.
وهذا الارتفاع ليس الأول من نوعه، بل سبق وأن نشرت “حلب اليوم” تقريراً مطلع تموز الحالي، تحدثت فيه عن ارتفاع تكلفة صهريج المياه، ووصول سعره إلى 180 ألف ليرة سورية.
“الفساد المنظّم” وفوائد اقتصادية لسلطة الأسد
منذ شهرين، نشرت “حلب اليوم” تقريراً أكّدت فيه أن سلطة الأسد تسعى إلى تعطيل وصول المياه، بهدف الحصول على تمويل من المنظمات الدولية المعنية بمياه الشرب.
وكانت مصادر لـ “حلب اليوم”، قد أوضحت حينها أن الآلية التي تعمل عليها سلطة الأسد من خلال “الفساد المنظّم” الذي يدفع الأهالي للبحث عن حلول، منها تمويل السكان لوضع خطوط معفاة من التقنين لتشغيل الآبار.
وبهذا تستفيد سلطة الأسد من هذه المشاريع، وذلك من خلال تقديمها إلى منظمات دولية، بينما المناطق التي لم تستطع الأهالي تمويل الخطوط فيها، لجأت إلى الآبار الخاصة، وأقدمت على اشتراكات بسيطة لتأمين الحد الأدنى من مياه الشرب.
التهديد والتفاوض
انتشرت أخبار مفادها أن هناك تحركات لفصائل مسلحة إلى مؤسسة المياه، إذ نشرت صفحة “السويداء 24” مقطع فيديو تناول فيه حديث بعض الفصائل مع مدير مؤسسة المياه، مهدّدين المدير عبر مهلة زمنية.
وبحسب ما أفاد به مصدر إعلامي لـ “حلب اليوم”، فإن هذه الفصائل والمجموعات هي مجموعة أمنية دائماً تسعى لاحتواء غضب الناس عبر مقابلات مع مدراء المؤسسات ومحافظ السويداء التابع لحكومة سلطة الأسد، والتهديد والوعيد، إضافة إلى إعطاء مهل دون الحصول على نتائج.
ومع الانقطاع المستمر للمياه، زاد طلب أهالي السويداء على طلبيات المياه الخاصة (صهاريج المياه) التي تعبئ من الآبار العامة ، الأمر الذي بيّنه مراسلنا أن أصحاب الصهاريج أصبحوا يعتذروا عن تلبية الأهالي أو إعطاء مواعيد حتى 5 أو 6 أيام، ومع تزايد الطلب لجأ البعض إلى الآبار الخاصة لتلبية احتياجاتهم من مياه الشرب، ما أدى إلى زيادة التكلفة.
وبالعودة إلى ارتفاع الأسعار، أكّد مراسلنا أنه خلال فترة قصيرة استطاع مستثمر ضم معظم آبار المياه الخاصة القريبة من مدينة السويداء، مما سمح له بالتحكم بالسعر، ووضع الأهالي أمام خيارين إما دفع هذا المبلغ أو انتظار أحد صهاريج مياه الآبار العامة.
ونوّه المراسل إلى أن المستثمر مقرّب من “آل مزهر” في مدينة السويداء، والذين يتبعون لـ “شعبة المخابرات العسكرية” في سلطة الأسد.
“حزب اللواء” يقدم حلاً
أصدر “حزب اللواء السوري” النشط في محافظة السويداء، تقريراً أوضح فيه أنه قد تم توزيع نقلات مياه مجاناً لما يزيد عن 460 عائلة.
وفي مقابلة أجرتها “حلب اليوم”، مع الناشط السياسي “فهد حوراني”، الذي تساءل فيها عن صحة الأرقام، وعما إذا كان “حزب اللواء السوري” يعمل على “تنفيس” الأهالي كبافي المجموعات التابعة لأفرع الأمن.
“الحوراني” قال إن “توزيع هذا العدد في مدينة السويداء لا يمكن أن يتم بشكل سري، ومن جهة ثانية مصدر المياه يثير التساؤلات، فأما الحزب يتعاون مع مؤسسة المياه، أو مع الآبار الخاصة التي تسعى الأجهزة الأمنية للسيطرة عليها عبر مستثمرين تابعين لها”.
وأضاف: “لا يوجد اختلاف بين الحزب وبين من يذهب ويعطي مهلة للمؤسسات دون أن يفعل شيئاً، فكلاهما يسعى إلى تنفيس الأهالي”.
يُذكّر أن شح المياه في محافظة السويداء أصبح يهدّد الاستقرار بشكل جدّي، فبحسب مراسلنا فإن الأهالي وخصوصاً في الريف الجنوبي باتوا على وشك العطش، وسط ارتفاع في درجات الحرارة وارتفاع تكاليف الاحتياجات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل مياه الشرب.