توقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة ما يقارب مليون لاجئ سوري إضافي إلى بلادهم خلال عام 2026، حيث يأتي هذا التوقع في إطار التعافي التدريجي الذي تشهده البلاد بعد التحولات السياسية الأخيرة، ويشير هذا العدد إلى استمرار وتيرة العودة الكبيرة التي بدأت منذ نهاية عام 2024.
وقد صرح غونزالو فارغاس يوسا، ممثل مفوضية اللاجئين في سوريا، في مقابلة خاصة مع وكالة الأناضول، بأن “تقديراتنا تشير إلى أن عام 2026 قد يشهد عودة نحو مليون شخص إضافي”، موضحا أن هذا يعني أن أكثر من 4 ملايين سوري سيكونون قد عادوا إلى مناطقهم خلال فترة عامين فقط، ما يمثل حدثاً تاريخياً في مسار الأزمة السورية.
أرقام كبيرة
كشف المسؤول الأممي عن أرقام ملموسة تظهر حجم الحركة التي حدثت بالفعل، فقد عاد نحو 1.3 مليون لاجئ سوري إلى بلادهم منذ التحرير، قادمين بشكل أساسي من دول الجوار مثل تركيا ولبنان والأردن، وبنسب أقل من مصر والعراق.
إلى جانب ذلك، عاد نحو مليوني شخص من النازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية داخل سوريا، وبجمع الرقمين، فإن أكثر من 3 ملايين سوري عادوا إلى ديارهم خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، وسط بلد أنهكته الحرب على المستويات الاقتصادية والخدمية والبنية التحتية.
من الخوف إلى الأمل
وصف يوسا التحول في المشاعر السائدة بين السوريين، قائلاً إن الخوف الذي كان يهيمن على المجتمع “تراجع بسرعة، ليحل محله شعور واسع بالأمل”، كما شارك انطباعاته المباشرة من الحدود، حيث توجه مع فريقه في 9 كانون الأول 2024 إلى الحدود اللبنانية وشاهد آلاف السوريين يعودون تلقائياً بعد أكثر من 14 عاماً من اللجوء القسري.
ولفت إلى أن العديد من العائدين عبروا عن فرحتهم بالوصول بطرق مؤثرة، مثل تقبيل الأرض فور وصولهم إلى التراب السوري، مما يعكس عمق ارتباطهم بوطنهم.
ورغم المشاهد الإيجابية، شدد ممثل المفوضية على أن هذا الحجم الكبير من العودة يتم في ظروف بالغة الصعوبة، وأوضح أن الدعم المالي الدولي يظل مسألة عاجلة وحاسمة لضمان استقرار الوضع ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية، خاصة مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة والدمار.
وأشار إلى إحدى العقبات العملية التي تواجه العائدين، وهي أن أكثر من ربعهم يفتقرون إلى وثائق أساسية مثل الهويات الشخصية أو سندات الملكية، مما يجعل عملية إعادة الدمج أكثر تعقيداً، وذكر أن المفوضية وشركاءها يقدمون دعماً مباشراً للعائدين في مجال استخراج هذه الوثائق.
عوامل التعافي
سلط يوسا الضوء على عاملين رئيسيين يعتبرهما محوريين لتسريع التعافي، وهما الرفع الكامل للعقوبات باعتباره أساسياً لفتح الباب أمام استثمارات واسعة وضرورية من القطاع الخاص لدخول مرحلة إعادة الإعمار والتنمية، والحاجة إلى دور إقليمي إيجابي مشيدا بالدور الذي لعبته تركيا في هذا المجال.
اختتم المسؤول الأممي تقييمه بالإشادة بالجهد السوري في إعادة ربط البلاد بالعالم، وأشار إلى أن سوريا كانت معزولة دولياً لأكثر من 14 عاماً، قبل أن تعيد خلال عام واحد فقط إقامة علاقات مع عدد متزايد من الدول، وهو ما وصفه بالتطور بالغ الأهمية.
وخلص إلى أن رحلة التعافي ستستغرق وقتاً ولن تكون فورية، لكن عودة ملايين السوريين تمثل مؤشراً إيجابياً قوياً نحو المستقبل، مع ضرورة استمرار الدعم الدولي المنسق لضمان نجاح هذه المرحلة الانتقالية المعقدة.






