في خطوة وصفت بأنها “مفصلية” و “تاريخية”، أقدم الكونغرس الأمريكي على إلغاء العقوبات الاقتصادية الشاملة المفروضة على سوريا بموجب قانون “قيصر”، لينهي بذلك حقبة من العزلة الدولية ويفتح الباب على مصراعيه أمام مشهد دبلوماسي وإقليمي متحول، يحظى بترحيب واسع وتفاؤل حذر.
ويمثل التصويت في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكي، وتوقيع الرئيس دونالد ترامب اللاحق على قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026، الإجراء الرسمي والنهائي للإلغاء، وينظر عدد من المشرعين الأمريكيين إلى هذه الخطوة على أنها تمنح الشعب السوري “فرصة حقيقية لإعادة البناء بعد عقود من المعاناة”، وقد جاء القرار بعد جهود دبلوماسية مكثفة ودعوات من حلفاء للإدارة الأمريكية، مثل السعودية وتركيا وقطر.
ترحيب واسع ودعوات للاستثمار
حظي القرار الأمريكي بترحيب سريع وشبه إجماعي من دول عربية وإقليمية رئيسية، مما يعكس تحولاً جوهرياً في النهج تجاه سوريا التي رحبت بالقرار واعتبرته “تطوراً مهماً” يخفف الأعباء عن الشعب ويفتح المجال لمرحلة جديدة من التعافي وإعادة الإعمار.
من جانبها رأت المملكة العربية السعودية القرار، في بيان نشرته الخارجية اليوم السبت، مساهماً في دعم الاستقرار والازدهار وتحقيق تطلعات الشعب السوري.
واعتبرت قطر الإلغاء خطوة مهمة نحو دعم الاستقرار، حيث تتطلع لفتح آفاق جديدة للتعاون والاستثمار.
أما الكويت فقد شددت على أن القرار “يساند جهود الحكومة السورية” في إعادة البناء ويعزز شراكاتها الدولية.
وهنأت مملكة البحرين القيادة والشعب السوري بالقرار، مؤكدة تضامنها مع سوريا في مساعيها للأمن والاستقرار.
ورحبت المملكة الأردنية الهاشمية بالخطوة، وثمنت في بيان جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرفع العقوبات المعيقة للاقتصاد السوري.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي “جاسم محمد البديوي”، في بيان اليوم: “نرحب بقرار الولايات المتحدة الأميركية رفع العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قیصر، ونؤكد على موقف مجلس التعاون الداعم لوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها”.
بدورها أعربت تركيا عن ترحيبها بالقرار، وعن أملها في أن يسهم بتعزيز الاستقرار والأمن والازدهار في سوريا.
أما الأمم المتحدة فقد وصفت وكيلة أمينها العام للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، اللحظة بأنها “فرصة نادرة” لسوريا لتحويل أزمتها إلى قصة نجاح، مشيرة إلى أن رفع العقوبات سيكون عاملاً ضرورياً لاستعادة ثقة المستثمرين وإرساء أساس إعادة الإعمار.
الآثار والتحديات المتوقعة
يرى خبراء ومراقبون أن الإلغاء ليس نقطة نهاية، بل بداية لمرحلة معقدة تحمل وعوداً وتحديات على حد سواء.
ومن المفترض أن يسمح الإلغاء لسوريا بإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية طبيعية مع العالم دون حاجة لاستثناءات، ويعزز حضورها في المحافل الدولية، مع تحفيز الاقتصاد وإعادة الإعمار، وأن يمهد الطريق لعودة الاستثمارات الأجنبية، ما يسهم في إنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل، كما من شأن ذلك تشجيع عودة اللاجئين، الأمر المرتبط بتحسن الأوضاع الاقتصادية والأمنية.
في المقابل يرى مراقبون أن القرار وحده لا يكفي، وأن نجاحه مرهون بقدرة الحكومة السورية على إدارة المرحلة الانتقالية وتهيئة بيئة قانونية واجتماعية مستقرة تجذب الاستثمارات، وتواجه التعقيدات الأمنية.






