أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أن الحكومة تسعى لإعادة تنشيط التعاون الاقتصادي والمالي مع أوروبا، ولا سيما مع إيطاليا، من خلال حزمة من الإجراءات والمبادرات الهادفة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الثقة في القطاع المالي السوري.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الإيطالية “نوفا”، قال حصرية إن الاستثمارات الأوروبية، وخاصة الإيطالية، “لعبت تاريخيًا دورًا مهمًا في تطوير قطاعات الصناعة والطاقة والبنية التحتية في سورية”، مشيرًا إلى أن المصرف المركزي يمتلك اليوم “أدوات فعالة لجذب استثمارات البنوك والشركات الإيطالية الخاصة رغم الظروف الجيوسياسية الراهنة”.
وأوضح محافظ المصرف أن الخطط المطروحة تشمل “تفعيل برنامج وكالة ضمان الاستثمار التابعة للبنك الدولي (MIGA)”، الذي يوفر حماية ضد المخاطر السياسية المرتبطة بالاستثمار، إضافة إلى “تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجالات البنية التحتية والسياحة والطاقة المتجددة”، ووضع حوافز خاصة ضمن “المناطق الاقتصادية الخاصة”، إلى جانب “تحسين الشفافية وتوفير بيانات اقتصادية موثوقة”.
وشدد حصرية على أن سوريا “ترحب بالحوار مع المؤسسات المالية الإيطالية لفهم مخاوفها بشأن المخاطر ووضع استراتيجيات مشتركة لتخفيف آثارها”، لافتًا إلى أن قانون الاستثمار السوري “يمنح المستثمرين الأجانب ضمانات متعددة، منها حماية الملكية، وإمكانية تحويل الأرباح ورأس المال، والمساواة في المعاملة، واللجوء إلى التحكيم الدولي لتسوية النزاعات”.
وفيما يتعلق بالوضع النقدي، أقر المحافظ بأن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي “تعرضت لضغوط كبيرة خلال العقد الماضي بسبب العقوبات واضطراب الإيرادات”، لكنه أشار إلى أن المصرف “اعتمد استراتيجية حكيمة لإدارة الاحتياطيات مع التركيز على تأمين الواردات الأساسية وتعزيز التحويلات عبر القنوات الرسمية”. كما أكد العمل على “تقليل الاعتماد على الدولار وتنويع العملات التجارية” بهدف دعم استقرار الاحتياطيات.
وحول توجه الحكومة نحو إصدار الصكوك الإسلامية، كشف حصرية أن وزارة المالية “تدرس حاليًا جدوى طرح الصكوك كجزء من جهود تنويع أدوات تمويل الميزانية وتوسيع سوق رأس المال المحلي”، مشيرًا إلى أنها “قد تفتح آفاقًا جديدة لتمويل مشاريع البنية التحتية وتطوير الأدوات المالية الرقمية بالتعاون مع جهات حكومية أخرى”.
واستعرض المحافظ أبرز التحديات التي واجهها القطاع المالي عند توليه منصبه، والمتمثلة في “تقلبات أسعار الصرف، وتراجع الثقة المصرفية، ومحدودية العلاقات البنكية الدولية”، موضحًا أن المصرف المركزي ركّز على أربعة محاور رئيسية: “تحديث الأطر التنظيمية والرقابية، تعزيز مكافحة غسل الأموال، تطوير الخدمات المصرفية الرقمية، وتحسين تخصيص الائتمان للقطاعات الحيوية”.
وفي تعليقه على تقرير البنك الدولي الأخير بشأن الاقتصاد السوري، قال حصرية إن التقرير “يعكس حجم التحديات لكنه يتجاهل مرونة البنية التحتية المالية”، مضيفًا أن المصرف يعمل حاليًا على “استقرار البيئة النقدية واستعادة ثقة المستثمرين وإعادة دمج القطاع المالي في الأسواق الإقليمية والدولية”.
واختتم محافظ المصرف المركزي حديثه بالتأكيد على أن سوريا “بدأت تشهد بوادر استقرار وتعافٍ اقتصادي”، مضيفًا: “نلتزم ببناء قطاع مالي مرن وقادر على دعم الانتعاش الاقتصادي، ونرحب بالاهتمام الإيطالي بالتعاون معنا. فاستقرار الاقتصاد السوري ليس ضرورة وطنية فقط، بل يمثل فرصة إقليمية حقيقية”.
يشار إلى أن الحكومة السورية تعتمد تشجيع الاستثمارات الأجنبية في البلاد، كحل مناسب لإعادة إعمارها بدلا من القروض.






