في خطوة تُعدّ الأبرز منذ استئناف الاتصالات الرسمية بين تركيا وسوريا عقب سقوط نظام الأسد، عيّنت أنقرة نائب وزير الخارجية نوح يلماز سفيراً جديداً في دمشق، ليكون أول سفير تركي لدى سوريا منذ أكثر من 13 عاماً.
ويأتي هذا التعيين ضمن حزمة من القرارات الدبلوماسية الجديدة التي أقرها وزير الخارجية التركي حقان فيدان، شملت تغييرات واسعة في مناصب السفراء والممثلين الدائمين لتركيا لدى المنظمات الدولية، وفق ما كشفته مصادر دبلوماسية تركية لوكالة الأناضول.
عودة رسمية للعلاقات بعد قطيعة طويلة
يمثل قرار أنقرة بإرسال سفير إلى دمشق تحولاً دبلوماسياً كبيراً في مسار علاقاتها مع سوريا، بعد سنوات من القطيعة والتوتر السياسي والعسكري الذي بدأ منذ عام 2011.
فمنذ سحب آخر سفير تركي، عمر أونهون، من دمشق في آذار 2012، ظلّ التواصل بين البلدين محدوداً ومحصوراً في قنوات استخباراتية وإنسانية، وفق تصريحات تركية، وبعد التطورات الأخيرة في سوريا، وسقوط النظام البائد، عادت العلاقات لطبيعتها بين الجانبين.
ويرى مراقبون أن تعيين نوح يلماز — وهو دبلوماسي بارز شغل منصب نائب وزير الخارجية ومسؤول عن ملفات الشرق الأوسط — يحمل رسالة سياسية واضحة مفادها أن أنقرة تريد التعامل مع دمشق الجديدة بخلاف المرحلة السابقة.
ويعتبر هذا القرار استكمالاً لخطوة سابقة، حين عيّنت تركيا في مطلع العام الجاري برهان كور أوغلو، سفيرها السابق في موريتانيا، قائماً بالأعمال مؤقتاً في دمشق، بعد زيارة رفيعة المستوى لرئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين إلى العاصمة السورية ولقائه الرئيس الشرع وعدداً من المسؤولين السوريين.
تحولات في السياسة الخارجية التركية
تزامن تعيين يلماز مع سلسلة من التغييرات الواسعة في السلك الدبلوماسي التركي، شملت نقل عدد من كبار الدبلوماسيين إلى مواقع جديدة: يابراك بلقان ممثلة دائمة لتركيا لدى الاتحاد الأوروبي، فاروق كايماكجي سفيراً في لوكسمبورغ، شبنام جينك ممثلة دائمة لدى منظمة الطيران المدني الدولي، عايدة أونلو سفيرة في مونتينيغرو، وبيلجين أوزكان سفيراً لدى بابوا غينيا الجديدة.
وتأتي هذه التغييرات، بحسب محللين، ضمن إعادة تموضع تركي أوسع في علاقاتها الخارجية، بعد سنوات من التوترات الإقليمية، حيث تسعى أنقرة إلى تصفير الأزمات مع محيطها العربي والإقليمي، وتبنّي نهج براغماتي يقوم على المصالح الاقتصادية والأمنية المشتركة، وفق تصريحات مسؤوليها.






