تعود الخدمات والمؤسسات العامة في مدينة حلب إلى العمل تدريجيا، فيما تتعهد حكومة الإنقاذ بجعلها أفضل من السابق، عبر إدارة كافة شؤونها بالتعاون مع كوادرها المحلية، ريثما يتم التوصل لحل شامل وتحقيق حالة الاستقرار السياسي في عموم البلاد.
ويُعبر الكثير من السكان عن ارتياحهم من الوضع الحالي، بالرغم من وجود بعض المشاكل، معربين عن أملهم في التغيير خلال وقت قريب، حيث تعتبر المدينة حاضرة الشمال، بل المركز الصناعي الأول في البلاد.
وقال عبد الرحمن محمد، مدير العلاقات العامة في حكومة الإنقاذ، لحلب اليوم، إنهم يريدون تسليم شؤون المدينة لأهلها، وإن الوضع الحالي هو وضع طارئ بسبب ظروف الحرب.
وحول ما إذا كانت الحكومة قد أعدت خطة لإدارة حلب، قال محمد إن “المدينة الآن تحت إدارة العمليات العسكرية لظروف عسكرية وأمنية، وخطوطنا العريضة هي أن تدار المدينة على يد أبنائها”.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي، لحلب اليوم، إنه لا يتوقع أن تكون حكومة الإنقاذ اللاعب الوحيد في مدينة حلب بالنسبة للاقتصاد وحتى للحكم المدني، “لذا قد يكون هناك اتفاق على إنشاء مجلس محلي مدني بعيد عن التبعية الكاملة للحكومة”.
وأضاف: “نحن نعلم أن “الإنقاذ” أدارت مناطق معينة بشكل جيد ولكن هناك بعض التخوفات من قبل السكان الموجودين هناك، فلذلك يمكن أن تتم إدارة الحركة الاقتصادية والصناعية عبر مجلس مشترك يضم كافة السوريين وهو ما سيكون في مصلحة دفع عجلة الانتاج نحو الأمام”.
واستبعد أن تسيطر حكومة الإنقاذ على منطقة حلب بشكل كامل، لاحتمال أن يكون هناك رفض لذلك، مرجحا إحداث مجلس يضم كافة الأشخاص خاصة من أبناء المدينة، وأيضا ممن لديهم خبرة بالتعامل مع الواقع في مناطق الشمال.
وحول فكرة إنشاء مجلس مشترك مع كوادر المدينة وصناعييها وتجارها لإدارة الشؤون الاقتصادية، قال مدير العلاقات العامة في حكومة الإنقاذ إنهم بالفعل يعملون على ذلك، و”باشرنا عقد جلسات مع جميع التخصصيين في كافة قطاعات المدينة”.
وسلمت الحكومة “المحطة الحرارية” في حلب إلى مهندسين متخصّصين للإشراف عليها، متعهدة بتأمين احتياجات المحطة الضرورية لضمان استمرار عملها، كما أصلحت العطل في محطة “سليمان الحلبي” لمجموعة الضخ التي تغذّي محطة تشرين ما أدى إلى استئناف ضخ المياه للمناطق الغربية من المدينة.
وأكد محمد أنهم أصلحوا خط “66 تشرين” وأعادوا الكهرباء لمحطة “الخفسة” ليبدأ ضخ المياه إلى حلب منها، بينما “يتم العمل حاليا على تفعيل باقي محطات المياه لضمان وصولها لجميع الأهالي”، كما بدأت الورشات بأعمال تأهيل الطرق في ريفي حلب وإدلب وحلب المدينة، عبر ردم الحفر وإزالة آثار الدمار من منازل وسيارات وسواتر ترابية، لفتح الطرق وتسهيل مرور الأهالي إلى مدنهم وقراهم المحررة حديثا.
وتعهدت وزارة الإدارة المحلية والخدمات، بأن “الخدمة ستعود لوضعها الطبيعي تدريجيًا”، حيث يتم إصلاح خطوط الماء والكهرباء، كما بدأت مديرية النظافة بتفعيل المرحلة الأولى من العمل في مدينة حلب، إذ تم تشغيل مجموعة من الآليات وباشرت ورش النظافة أعمالها، وسيُستَكمل تفعيل جميع المراحل خلال الأيام القادمة.
ماذا عن الصناعة؟
يقول خبراء إنه من المهم التنسيق مع الحكومة التركية لحل المشاكل القانونية المتعلقة بالتصدير مثل شهادة المنشأ، فضلا عن الحاجة للدعم وتأمين المتطلبات اللازمة لدوران عجلة الإنتاج.
وفي تعليقه على ذلك قال محمد: “نسعى لحل جميع المشاكل العالقة في مدينة حلب، ويوجد العديد من القضايا التي كانت مهملة أيام احتلال نظام الأسد للمدينة، ونعمل على حلها بالتدريج متعاونين مع الجميع”.
ويرى قضيماتي أنه “من المهم جدا تأمين اعتراف تركي بالبضائع التي تُنتج من حلب عبر تصديق الوثائق الرسمية لتلك البضائع، وهو ما يُمكن التجار من تصديرها عن طريق الأراضي التركية باتجاه دول العالم وهذا أمر ضروري جدا لتخفيف الآثار والأعباء التي كانت مترتبة على التجار في مناطق حلب؛ مثل الإتاوات التي كانت تُفرض من قبل الميليشيات على الطرق، وهو أمر أساسي لإعادة المصانع وإعادة تدوير العجلة الانتاجية”.
واعتبر أن “من مصلحة الأتراك حدوث ازدهار اقتصادي أو على الأقل انتعاش في الوقت الحالي، فحركة العجلة الاقتصادية في مناطق الشمال تخفف معدلات الفقر المرتفعة، ومع وجود كافة السلع والخدمات الأساسية، يخف الضغط على جانب تركيا لأن المنطقة هي جارة لها، حيث يمكن أن يخف العبء حتى عن المؤسسات والجمعيات الموجودة فيها أو حتى على السياسيين الموجودين هناك فكل شيء هام بالنسبة للجانب السوري والتركي”.
ولفت إلى أهمية عودة عجلة الاقتصاد للدوران، حيث “تساهم في توفير فرص عمل للتجار وهذا كله مرتبط بالتنسيق بين المجلس المشترك المفترض إنشاؤه وفتح المعابر والطرق أمام البضائع وحل مشكلة شهادة المنشأ للمواد الصناعية التي تنتج في الشمال، حيث تحتاج للاعتراف بها من المؤسسات التركية، ويجب أيضا فتح الحدود أمام البضائع السورية القادمة من الشمال باتجاه الأراضي التركية للتصدير نحو باقي الدول، خاصة أن البضائع السورية معروفة بالجودة بشكل كبير فضلا عن أسعارها المنافسة”.
وكانت كل من تركيا والأردن قد عملتا على إعادة فتح المعابر مع سوريا، لاستعادة نشاط الطريق الدولي المار عبرها، لكن وجود سلطة الأسد حال دون الوصول إلى أية نتيجة.