أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسومًا يقضي بإحداث صندوق سيادي، مخصص لتحقيق عدة اهداف تشمل دعم عملية الاستثمار والتنمية، وتنويع مصادر دخل الدولة، وغير ذلك.
ووقع الشرع، أمس الأربعاء على المرسوم رقم “113”، الذي ينص على التالي: “يحدث في الجمهورية العربية السورية مؤسسة ذات طابع اقتصادي تسمى “الصندوق السيادي” تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، مقرها دمشق وترتبط برئاسة الجمهورية”، وفقا لوكالة سانا.
واوضح المرسوم أن إحداث الصندوق يهدف إلى “تنفيذ مشاريع تنموية وإنتاجية مباشرة”، و”الاستثمار الأمثل للموارد البشرية والمادية والخبرات الفنية من جميع الاختصاصات”، و”تنشيط الاقتصاد الوطني من خلال استثمارات مدروسة ومتنوعة”، و”تحويل الأصول الحكومية غير المفعلة إلى أدوات إنتاج وتنمية”.
ويشرح المستشار المالي والمحلل الاقتصادي، سعود الرحبي، فكرة الصندوق السيادي في حديثه لحلب اليوم قائلا: إن “إنشاء الصندوق في سوريا يعتبر خطوة حيوية للتعافي والتنمية الاقتصادية، ويهدف إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية تخدم الاقتصاد والمواطنين”.
وأوضح أن الأهداف الرئيسية للصندوق تتمثل في “تنفيذ المشاريع التنموية” حيث يساهم في تمويل وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، الصناعة، الزراعة، والطاقة، مما يخلق فرص عمل ويعزز الإنتاج المحلي، وأيضا “الاستثمار الأمثل للموارد” حيث يستثمر الصندوق الموارد البشرية والمادية والخبرات لتحقيق أقصى عائد اقتصادي واجتماعي، بالإضافة إلى “تنشيط الاقتصاد الوطني” حيث يضخ الصندوق السيولة في الاقتصاد من خلال استثمارات متنوعة، محفزًا القطاعات المختلفة وجاذبًا للاستثمارات المحلية والأجنبية.
كما تهدف الفكرة إلى “تحويل الأصول الحكومية غير المستغلة، فالصندوق يحول الأصول الحكومية غير المفعلة إلى أدوات إنتاجية، مما يولد إيرادات جديدة للدولة ويزيد الناتج المحلي الإجمالي، ويعزّز الحوكمة والشفافية، لأنه يلتزم بنظام حوكمة صارم وشفاف، مع تقديم تقارير دورية وتدقيق مالي مستقل لضمان الكفاءة ومكافحة الفساد”، وفقا للرحبي.
ولفت المستشار المالي إلى أن الصندوق يسهم أيضا في تنويع مصادر دخل الدولة وتقليل الاعتماد على مصدر واحد، مما يزيد من مرونة الاقتصاد، ويسهم أيضا في دعم الأجيال القادمة عبر بناء ثروة طويلة الأجل وتأمين مستقبل اقتصادي مستقر ومزدهر.
أمثلة لصناديق سيادية عربية ناجحة:
تُعد الصناديق السيادية في الدول العربية نماذج ملهمة لإدارة الثروات الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل، وفقا للرحبي الذي يذكر أبرزها في نظرة موجزة على الحجم والاستثمارات:
1. جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) – الإمارات العربية المتحدة.
– الحجم: حوالي 829 مليار دولار (أكتوبر 2022).
– أبرز الاستثمارات: يركز على الأسهم والعقارات الأمريكية، البنية التحتية، وزيادة الاستثمار في الأسهم الخاصة والبنية التحتية.
2. الهيئة العامة للاستثمار الكويتية (KIA) – الكويت
– الحجم: 980 مليار دولار (يوليو 2024)، خامس أكبر صندوق سيادي عالميًا وأول صندوق سيادي عربي.
– أبرز الاستثمارات: استثمارات عالمية متنوعة في شركات كبرى (مثل سيتي جروب ودايملر بنز)، فنادق سويسرية، شركات تأمين، وشركات صناعية ألمانية، كما انضمت لمبادرة شراكة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
3. صندوق الاستثمارات العامة (PIF) – المملكة العربية السعودية
– الحجم: حوالي 925 مليار دولار (3.47 تريليون ريال سعودي).
– أبرز الاستثمارات: يقود التحول الاقتصادي بالمملكة، يستثمر في مشاريع ضخمة مثل نيوم، القدية، الدرعية، وروشن. يمتلك حصصًا في أكثر من 220 شركة، ويركز على 13 قطاعًا استراتيجيًا، كما رفع حصته في شركات التكنولوجيا الأمريكية ووقع مذكرات تفاهم بـ 50 مليار دولار مع مؤسسات صينية.
4. جهاز قطر للاستثمار (QIA) – قطر
– الحجم: حوالي 524 مليار دولار.
– أبرز الاستثمارات: حصص كبيرة في شركات عالمية (مثل سوق لندن للأوراق المالية، فولكس فاجن، وإيرباص)، نادي باريس سان جيرمان، فنادق فاخرة بباريس، واستثمارات واسعة في القطاع المالي. يخطط لاستثمار 500 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة خلال العقد المقبل في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية.
5. مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية (ICD) – الإمارات العربية المتحدة
– الحجم: حوالي 360 مليار دولار (1.322 تريليون درهم إماراتي) في 2023.
– أبرز الاستثمارات: الذراع الاستثمارية الرئيسية لحكومة دبي، تمتلك شركات كبرى مثل طيران الإمارات، وحصص في بنك الإمارات دبي الوطني وإعمار العقارية. تغطي محفظتها قطاعات واسعة تشمل الخدمات المالية، النقل، النفط والغاز، والصناعة.
وبحسب المستشار الرحبي؛ تُظهر هذه الصناديق الدور المحوري الذي تلعبه في تعزيز الاقتصادات المحلية وتنويع مصادر الدخل لدعم الأجيال القادمة.
وبحسب المرسوم فإن الصندوق يعمل بالاعتماد على نظام حوكمة صارم وشفاف من خلال، تقارير ربع سنوية وسنوية تقدم لرئاسة الجمهورية، والتدقيق المالي غير أجهزة مستقلة عن الصندوق، إضافة إلى الرقابة الآنية وتصويب الأخطاء قبل وقوعها.
ويتولى إدارة الصندوق مجلس الإدارة ومدير عام، ويتألف مجلس الإدارة من رئيس مجلس الإدارة رئيسًا، والمدير العام نائبًا للرئيس وعضوًا، ومعاون المدير العام عضوًا، وأحد المديرين في الصندوق عضوًا، وثلاثة خبراء أعضاء، وويسمى كل من مجلس الإدارة ومدير عام الصندوق بمرسوم، ويعتبر الأخير عاقد النفقة وآمرًا للتصفية، والصرف ويمثل الصندوق أمام القضاء والغير.
ولا تعتبر جلسات مجلس الإدارة قانونية إلا بحضور أغلبية الأعضاء من بينهم الرئيس، وفي حال غيابه ينوب عنه في رئاسة المجلس نائب رئيس مجلس الإدارة، وفق المرسوم الذي بيّن أن قرارات مجلس الإدارة تتخذ بأغلبية الأصوات وفي حال تساوي الأصوات يرجح جانب الرئيس.
ويكون المدير العام مسؤولًا أمام مجلس الإدارة وأمام رئيس الجمهورية عن حسن سير العمل بالصندوق ويتولى المهام والاختصاصات الواردة في النظام الداخلي للصندوق.