كثفت قوات الأسد والميليشيات الإيرانية مجددا من ضرباتها على المدنيين، في ريفي حلب وإدلب، باستخدام الطائرات المسيرة الملغمة، وسط توتر مستمر بالمنطقة منذ أسابيع.
وشنّت تلك الطائرات ضربات في عدة قرى وبلدات على مقربة من خط التماس الممتد من ريف حماة وحتى ريف حلب الغربيين، مرورا بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، حيث يوجد عشرات آلاف من السكان في أكثر من 20 بلدة وقرية.
وكان عدة آلاف من الأهالي قد نزحوا مع حلول فصل الخريف، بسبب تصعيد القصف من قبل قوات الأسد والميليشيات الإيرانية، وبسبب تزايد الحشود على الجانبين مع تداول شائعات حول احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية.
وقال مراسل حلب اليوم، إن قوات الأسد استهدفت بعدّة طائرات مسيّرة ملغّمة محيط قرية “الحلوبة” بريف إدلب الجنوبي، والعنكاوي في سهل الغاب بريف حماة الغربي، وذلك خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
كما أوقعت المسيرات 3 جرحى من الأهالي جراء هجمات تعرضت لها بلدة تقاد، في ريف حلب الغربي، حيث تم استهداف سيارات مدنية.
وقال فريق الدفاع المدني السوري، إنه تلقى أمس الاثنين نداء باستهداف البلدة بطيران انتحاري مسير، حيث كانت الهجمات قريبة من مدرسة لطلاب المرحلة الابتدائية، ما سبّب حالة خوف كبير في صفوف الطلاب، حيث انفجرت طائرتان بسيارتين للمدنيين، كانتا على مسافة تقل عن 5 أمتار بين المدرسة ومكان الاستهداف.
واستهدف الهجوم الثالث الأطراف الجنوبية للبلدة ما أدى لإصابة المدنيين وتضرر سيارة ودراجة نارية، فيما أكد الدفاع المدني أن تلك الاستهدافات باتت تتكرر بشكل كبير في الفترة الأخيرة.
وقال محمد الرجب، مدير المديرية الثانية في الدفاع المدني السوري، في تصريح خاص لموقع حلب اليوم، إن تعمد استهداف المدنيين سبّب التوتر والخوف على الحياة اليومية في شمال غرب سوريا، نتيجة التهديد الذي يتربص بالسكان بشكل مستمر.
وتزايد مؤخرا استخدام هذا النوع من الأسلحة في المنطقة، ما أدى لإيقاع الضحايا والمصابين، إذ تتميز بدقتها وقدرتها على إصابة أهداف محددة، مع صعوبة إسقاطها وصغر حجمها.
وتستخدم الميليشيات الإيرانية وقوات الأسد تلك المسيرات المعدلة يدويا والمحملة بالقنابل الصغيرة، منذ سنوات، وقد تم استعمالها بشكل لافت خلال الحملة الأخيرة بين عامي 2019 و 2020، لكن العام الحالي شهد منذ بدايته تكثيفا لاستخدام تلك الطائرات الصغيرة.
ويتجاوز عدد استهدافاتها في بعض الأيام العشر مرات خلال اليوم الواحد، كما تلاحق السيارات والدراجات النارية والأفراد ومن الصعب الإفلات منها في حال كان المُستهدف على أرض مكشوفة.
ولا يقتصر استهدافها للآليات السائرة على الطرق أو بالقرب من خطوط التماس،حيث تضرب السيارات المركونة حتى لو كانت داخل سور البيت، مما يلحق خسائر مادية بالمدنيين، في منطقة أكثر من 91 بالمائة من سكانها يقبعون تحت خط الفقر.
ويصف الرجب ما يواجهه المدنيون في شمال غربي سوريا بأنه تهديد خطير، موضحا أن استخدام الطائرات المسيرة للأهالي، هو “تصعيد خطير في التكتيكات يهدد حياة السكان الأبرياء، ويدمر وسائل بقائهم على قيد الحياة وسبل عيشهم، بسبب الطبيعة الممنهجة لهجمات هذه المسيرات الانتحارية”.
وحذرت الخوذ البيضاء من أن إدخال استخدام المسيرات في الهجمات يستدعي اهتماما دوليا بسبب النمط التاريخي للهجمات المتعمدة على المدنيين من قبل قوات الأسد، حيث تتمتع بالقدرة على شن هجمات بدقة متزايدة بسبب المستوى العالي من التحكم في اتجاه وهدف حمولتها.
ولم تُفلح محاولات بعض المدنيين في إسقاط تلك المسيرات بأسلحة الصيد، والبنادق العادية، ورغم إسقاط بعضها في حوادث متفرقة، لكن مراسل حلب اليوم يؤكد أن تلك الأسلحة البسيطة لم تكن لتصنع فارقا.
يقول الرجب إن المدنيين حقيقة لا يمكنهم حماية أنفسهم من خطر الاستهدافات هذه وأدوات القتل التي تطورها سلطة الأسد بشكل مستمر دون أي رادع لها من المجتمع الدولي، معتبرا أنه يجب محاسبة السلطة على هذه الجرائم، بدلا من البحث عن أساليب لحماية المدنيين أنفسهم.
ودعا السكان بالمنطقة لتوخي الحذر الشديد من خطر هذه المسيرات وعدم التنقل بكثرة وتجنب الحركة المتزايدة في الأماكن التي تم رصد وصول المسيرات إليها لعدم استهدافهم، وفي حال الوجود في الأماكن التي يمكن أن تصل إليها الطائرات فيجب الإقلال من الحركة وتجنب التنقل بالسيارات في الأماكن المكشوفة.
كما شدد على ضرورة عدم استهداف الطائرة من مسافات قريبة لأنها تحمل ذخائر متفجرة يمكن أن تنفجر في السماء قبل وصولها وتتشظى فوق المدنيين.
ويوجد نحو 22,000 نازح ومقيم، في القرى والبلدات التي تبعد مسافة 9 كيلومترات عن الخطوط الأمامية، وهو المدى الأكثر خطورة نظرا لتركيز الضربات المدفعية والصاروخية عليها.
وبحسب مراسلنا فإن من أكثر المناطق تضرراً في سهل الغاب بريف حماة الغربي: الزقوم، والحميدية، والمنصورة، وقرقور، وقسطون، وتل واسط، وقليدين، وخربة الناقوس، والقاهرة، والمشيك، والزيارة.
أما في ريف إدلب فقد تركزت الهجمات على كل من بنين، سرجة، شنان، كنصفرة، صفيات، فريكة، والشيخ سنديان، وفي ريف حلب هناك الأبزمو وكفرنوران وتقاد ودارة عزة.