خاص – حلب اليوم
تشهد مناطق هجين والبصيرة والصبحة في ريف دير الزور الشرقي أزمة مياه حادة نتيجة استمرار انقطاع التيار الكهربائي، الذي أدى إلى توقف أكبر محطات المياه في المنطقة، مما تسبب في صعوبة كبيرة في تأمين المياه والثلج للسكان، وزاد معاناتهم اليومية على نحو ظاهر.
يقول مراسل حلب اليوم في دير الزور إن أبرز محطات المياه التي توقفت إثر غياب التيار الكهربائي هي “محطة البصيرة” التي تخدم أكثر من 150 ألف نسمة و”محطة الشحيل” التي تخدم حوالي 30 ألف نسمة.
مياه غير صحية
ووفقاً لمراسلنا، فقد أدى انقطاع الكهرباء إلى استياء واسع بين الأهالي الذين يواجهون اليوم صعوبات كبيرة في تأمين الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، مشيراً إلى أن هذا الوضع دفع العديد من السكان إلى التفكير في بيع ممتلكاتهم والنزوح إلى مناطق أخرى بحثاً عن حياة أفضل.
وأوضح أن الأهالي لجأوا إلى شراء المياه من الصهاريج، لكن هذه المياه غالباً ما تكون غير معقمة وملوثة في بعض الأحيان، وقد تتسبب في أمراض صحية، بالإضافة إلى كونها مكلفة، حيث يصل سعر الصهريج (ما يعادل ألف لتر) إلى أربعين ألف ليرة سورية.
تحدث مراسل “حلب اليوم” مع أشخاص عدة من أبناء ريف دير الزور الشرقي، وأكدوا أن الخدمات مغيبة بشكل كلي منذ عدة سنوات، وأن إعادة الكهرباء لمحطات المياه لا تحتاج إلى جهد كبير، لكن هناك تعمد في خلق أزمات وإشغال السكان بهموم المعيشة بهدف سرقة خيرات المنطقة بشكل تدريجي من قبل الإدارة الذاتية.
مصادر المياه
يعتمد سكان شمال شرقي سوريا على ثلاثة مصادر أساسية للمياه وهي: مياه الأمطار، المياه الجوفية، والأنهار التي تمر بالمنطقة، والتي تغطي احتياجات ما يقدر بـ 4.8 مليون نسمة، من بينهم أكثر من نصف مليون نازح داخلي، وفقاً لتقديرات منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”.
لكن في ظل توقف عدد من محطات المياه بسبب انقطاع الكهرباء، لا تصل المياه لجميع سكان المنطقة، مما يفاقم الأزمة.
شهادات
محمد.ن، أحد سكان مدينة البصيرة، يقول لحلب اليوم: “أحتاج كل ثلاثة أيام إلى حوالي أربعين ألف ليرة سورية، لشراء صهريج مياه مكون من خمسة براميل منذ انقطاع المياه قبل أسبوع.”
وأضاف: “الوضع أصبح لا يطاق بسبب الانقطاع الكامل للكهرباء وآثاره السلبية التي بدت تظهر، وأبرزها غياب مياه الشرب”، منوهاً إلى أن العديد من السكان باتوا يفكرون ببيع ممتلكاتهم والهجرة إلى خارج قراهم بحثاً عن ظروف حياة أفضل.
استغلال علني
أما على.ت من مدينة البصيرة، فقد أوضح في حديث له لحلب اليوم أن الحصول على صهريج مياه يتطلب من الشخص الانتظار في الدور، حيث يشترط صاحب الصهريج على المستفيد أخذ الحمل الكامل حتى وإن لم يكن في حاجة إليه.
بدوره، يقول المسن أبو محمد، أحد سكان منطقة هجين لحلب اليوم: “لقد أصبح الحصول على المياه النقية مهمة شبه مستحيل، فنحن نعتمد إلى حد بعيد على هذه المحطات، ومع توقفها بتنا نضطر إلى شراء المياه بأسعار باهظة لا نستطيع تحملها”.
وأضاف: “في السابق، كنا نحصل على المياه بشكل منتظم، ولكن الآن نضطر للانتظار ساعات طويلة للحصول على الماء وبأسعار باهظة، وأحياناً نضطر لاستخدام المياه الملوثة؛ مما يهدد صحتنا وصحة أطفالنا، كما أن الحصول على الثلج لتبريد الطعام أصبح أمراً مكلفاً أيضاً، إذ وصل سعر القالب الواحد إلى ثمانية عشر ألف ليرة سورية، مما يفاقم من معاناتنا في ظل درجات الحرارة المرتفعة”.
تحت هذه الظروف الصعبة، يؤكد مراسل حلب اليوم أن سكان ريف دير الزور الشرقي يواجهون اليوم تحديات متزايدة في تأمين أبسط مقومات الحياة، مما يعكس أزمة إنسانية تتطلب تدخلاً عاجلاً من المنظمات الإنسانية لتوفير حلول مستدامة وتخفيف معاناة السكان التي هي أساساً مهملة من قبل الإدارة الذاتية، والتي تعتبر الذراع المدني لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” في شمال شرقي سوريا.