يستمر الحرس الثوري الإيراني بإجراء تحركات جديدة وفرض تكتيكات عسكرية شرقي سوريا، في محاولة لمواجهة الضربات التي تنفذها إسرائيل والولايات المتحدة ضد أهداف تابعة للحرس الثوري أو الميليشيات المدعومة منه.
في الوقت الذي ينقل حزب الله اللبناني عناصره من شرقي سوريا وشمالها نحو الجنوب السوري والأراضي اللبنانية، تُدخل إيران مزيداً من عناصر الميليشيات العراقية المولية لها إلى شرقي سوريا، وتكثر من شحنات الأسلحة والذخائر لتزويد هذه الميليشيات المنتشرة على الأرض السورية.
الصحفي السوري فواز العطية قال لحلب اليوم “بشكل عام حرّك الحرس الثوري معظم وحداته ومجموعات الميليشيات التابعة له في ديرالزور، بغرض التمويه وإعادة انتشار عناصره للتخفيف من وطأة الهجمات التي تطال المقرات ومستودعات الأسلحة والعناصر”.
وأضاف العطية “الحرس الثوري عزز نقاط وجوده على ضفة نهر الفرات الغربية المقابلة لنقاط انتشار قوات سوريا الديمقراطية بما يقارب 1000 عنصر جديد ليصل المجموع الكلي في ديرالزور بين (14000 إلى 15000)، كما غيّر مواقع بعض النقاط وأبعدها عن الضفة مسافة غير منتظمة لتصبح بشكل متعرج ولا تقع على خط مستقيم بالنسبة للنهر”.
شبكة ديرالزور 24 قالت في خبر على موقعها على الإنترنت إن حزب الله جمّع مقاتليه في مراكز بمدينة البوكمال، ونقلهم إلى ريف حمص الغربي بهدف إخضاعهم لتدريبات إضافية ورفع جاهزيتهم القتالية، وأشارت الشبكة إلى أن نقل العناصر وتدريبهم كان بعمل من المسؤول عن التدريب والدورات العسكرية شرقي سوريا “الحاج أبو الزين”، وأن الحزب سيعوض العناصر بآخرين سوريين.
الخبير في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي قال لموقع حلب اليوم “أعتقد أن التحركات الإيرانية الأخيرة في محافظة دير الزور عموما تأتي في سياق التأكيد على وجودها العسكري والأمني المحيط بالطريق الدولي ما بين كل من معبر البوكمال-القائم والداخل السوري، وتحديداً الطريق الدولي الرابط ما بين دير الزور ودمشق والذي يعتبر أحد أهم الشرايين التي توصل العتاد والمقاتلين الى الميليشيات الولائية متعددة الجنسيات وعلى رأسها فيلق القدس الايراني وباقي الميليشيات المرتبطة بمشروع إيران في المنطقة”.
وأضاف النعيمي “الدفاع المستميت يأتي في سياق تخوف من استهدافات أمريكية محتملة لهذه الميليشيات في المنطقة وأعتقد أنه يأتي في سياق عمليات نقل الأسلحة عبر التجزئة وذلك من خلال اراضي العراقية إلى الأراضي السورية وهي ترصد من قبل قوات التحالف الدولي وربما قد نسمع في الساعات القليلة القادمة استهدافات لتلك المستودعات التي تستخدمها تلك الميليشيات والعربات التي تنقل الذخائر وربما قوافل العناصر الداخلين تحت غطاء الحج إلى ما تسميه العتبات المقدسة في سوريا”.
وبخلاف تعزيز القوات الإيرانية وإعادة تموضعها، فإن الحرس الثوري أدخل شحنات سلاح وذخائر عدة مرات خلال الأسبوع الماضي، وقالت مصادر لحلب اليوم إن ما يقارب 4 شُحنات مؤلفة من عدد صغير من السيارات دخلت إلى سوريا من معبر القائم- البوكمال الحدودي.
وأكد الصحفي السوري فواز العطية على أن “ما تحمله السيارات هو قطع طائرات مسيرة، إما لتجميعها داخل سوريا أو من أجل أعمال الصيانة لطائرات أُدخلت سابقاً، وهذا النوع من الشحنات ينقله الحرس الثوري فقط، أما دور الميليشيات هنا فهو مرافقة الأرتال لحمايتها من الهجمات المتوقع شنها على الأرض”.
وذكر العطية أن الميليشيات الإيرانية بدأت تستخدم نوعاً مختلفاً من الآليات لنقل أسلحتها العادية لتفادي استهدافها، وقال “إن الميليشيات تستخدم سيارات ذات دفع رباعي ولها حوض في الخلف (المعروف بالعامية باسم بيك أب) لنقل الأسلحة الفردية، أما الأسلحة الثقيلة كقطع المسيرات والصواريخ فإنها تُنقل بآليات ثقيلة”.
وعن استمرار طهران بالاعتماد على الميليشيات المحلية والتي يديرها الحرس الثوري الإيراني قال الباحث بالشؤون الإيرانية مصطفى النعيمي “زّج المقاتلين العراقيين في سوريا هو الخيار الأقرب بالنسبة لإيران، وهؤلاء المقاتلون وإن اختلفت تسميات فصائلهم فإنهم بالنهاية ينتمون لهيئة الحشد الشعبي العراقي، التي تتبع بشكل أو بآخر لوزارة الدفاع العراقية وتتقاضى رواتبها من هذه الوزارة، لذلك فإن الأمر لا يحمّل طهران عبئاً اقتصادياً”.
ونوّه إلى أهمية شرقي سوريا بالنسبة لإيران، وقال “إن الحرس الثوري يرى في هذه المنطقة نقطة استراتيجية لتأمين طريقها البري الممتد من طهران إلى بغداد ثم دمشق، بسبب التكلفة المنخفضة لنقل السلاح والعناصر وربما بضائع أخرى، قد تكون مواداً اولية لصناعة المخدرات التي تسهم بشكل كبير في توفير التمويل للميليشيات في سوريا”.
وتشهد مناطق شرقي سوريا تحركات مستمرة للحرس الثوري وما يتبعه من ميليشيات، بهدف توسيع دائرة سيطرتها على المنطقة وأيضاً لتمويه وجودها الكثيف هناك، وأيضاً لكسب المزيد من الولاءات وانتماء الشبان في تلك المنطقة، الأمر الذي يسمح لها بتمرير مشاريعها الهادفة إلى تغيير النسيج الاجتماعي للسوريين شرقي سوريا.