تولي وسائل سلطة الأسد الإعلامية اهتماماً زائداً بانتخابات مجلس الشعب المقرر إجراؤها في 15 حزيران القادم، فيما يبدو أنها دعاية مكمّلة لما أعلنته قبل أيام عن عمليات ضبط كميات من المخدرات والاشتباك مع مهربين عند الحدود السورية الأردنية.
وأعلن فرع حزب البعث في دمشق عن قائمة ما سماه “الاستئناس الحزبي” لاختيار مرشحيه في مجلس الشعب بسلطة الأسد، حيث تقسم إلى فئتين (أ) و (ب)، ويدخل حزب البعث الانتخابات في تحالف يضم أحزاب ما تعرف بـ “الجبهة الوطنية التقدمية”، البعث الذي دائماً ما يفوز بالأغلبية في كل “انتخابات” تجري في سوريا منذ توليه السلطة عام 1963، وتحول مساره بعد عام 1970 وإطلاق تسمية “قائد الدولة والمجتمع” التي رسخت للحكم الأمني والقمع المستمر منذ عشرات السنين.
وكانت قيادة حزب البعث قد أصدرت قراراً يقضي بمعاقبة 19 عضو يمثلون البعث في مجلس الشعب، من خلال تخفيض مستوى عضويتهم ومنعهم من الترشّح بشكل نهائي ضمن قوائم الحزب.
العقوبة جاءت وفق القيادة المركزية بسبب “عدم القدرة على رفع مستوى وعيهم العقائدي والتنظيمي والسياسي“، استنادا إلى “مذكرة مكتب التنظيم المركزي في الحزب، وكتب لجنة الرقابة والتفتيش والشعبة الحزبية في مجلس الشعب، المتضمنة موضوع بعض الرفاق في شعبة المجلس وعدم التزامهم بتعليمات القيادة”.
إلّا أن مصادر قالت لصحيفة العرب اللندنية “إن العقوبات جاءت على خلفية امتناعهم عن التصويت على قرار يقضي برفع الحصانة عن العضو فؤاد علداني المتهم بالقضية الجمركية رقم 1064 الخاصة بملف تهريب المحروقات وتكليف خزينة الدولة مليارات الليرات السورية”.
منظمة العدالة قالت “إن فؤاد علداني قبل أن يصبح عضواً في مجلس الشعب، كان قائداً لميليشيا (نمور الأسد) المنتمية لوحدة النمر بقيادة سهيل الحسن التابعة للفرقة 25 في جيش سلطة الأسد”، وأشارت المنظمة إلى أن علداني متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأكدت المنظمة على أن “اسم فؤاد علداني ورد في شهادة المنشق آفاق أحمد عن (مجزرة مساكن صيدا) في درعا التي حدثت في 29 نيسان 2011، وأدت إلى مقتل العشرات من أبناء الشعب السوري واعتقال أكثر من 100 متظاهر من ضمنهم حمزة الخطيب وثامر الشرعي اللذان قتلا على يد عناصر المخابرات الجوية في دمشق”.
وأورد موقع مع العدالة ” pro justice” في توثيقه عن فؤاد علداني “أشرف فؤاد علداني بشكل مباشر على معبر وادي العزيب بين مناطق النظام والمناطق المحررة، والذي كان مدخوله اليومي يتجاوز مليوني دولار، كما قام بعمليات تزوير واستيلاء على ممتلكات كثيرة ما بين حلب وإدلب، وذلك بسطوة المخابرات الجوية والعميد سهيل الحسن، وتغطية من اللواء جميل الحسن، كما قام بعمليات تهريب آثار لصالح اللواء جميل الحسن مدير إدارة المخابرات الجوية السابق”.
على جانب آخر فإن شروط الترشح لعضوية مجلس الشعب في سلطة الأسد تصب في صالح حزب البعث والأحزاب المتحالفة معه، أو كما يراها السوريون “الموالية له”، حيث يشترط في المرشح لعضوية مجلس الشعب “أن يكون سوريًا منذ عشر سنوات على الأقل، وألا يكون متمتعًا بجنسية أخرى غير الجنسية السورية، وأن يكون متممًا الخامسة والعشرين من العمر، وملمًا بالقراءة والكتابة، وأن يكون ناخبًا في الدائرة الانتخابية التي يرشح نفسه عنها، أو نقل موطنه الانتخابي إليها” وفق موقع مجلس الشعب الرسمي على الإنترنت.
وهنا يستطيع أعضاء المجلس المنتمين لحزب البعث السيطرة على الأعضاء الآخرين خاصة الذين لا يحملون شهادات في اختصاصات تمكنهم من المناقشة في الدساتير والقوانين، ما يجعل دورهم هو في الأغلب تأييد ما يطرحه الأعضاء عن حزب البعث في المجلس، والتصفيق لبشار الأسد حين حضوره جلسة ما.
كما أن هؤلاء الأعضاء لا يملكون القدرة على مناقشة الأمور المتعلقة بالميزانيات والقوانين الاقتصادية والأمور القانونية والحقوقية ومصطلحاتها الدقيقة، ما يجعلهم مكملين نصاب المجلس المقدّر بـ 250 عضو فقط لا غير.
هذه المعطيات تبعث رسائل بأن ما تروّج له سلطة الأسد من عمليات انتخابية، ما هي إلّا زيادة في إحكام القبضة على مقدرات البلاد وثرواتها، وإمعانٌ في القمع وكم الأفواه ومنع الحريات، واستمرار العمليات الإجرامية بحق السوريين، تحت غطاء قوانين تصدر من مجلس الشعب المفصل على مقاسات الأسد.