رغم استمرار حرب الأسد على السوريين، تسوّق وسائله الإعلامية لانتعاش قطاع السياحة في مناطق سلطة الأسد، وارتفاع معدلاتها وعائداتها في مناطق سيطرته مقارنة بالفترة الأولى من الثورة السورية، فيما يشهد واقع هذه المناطق فلتاناً أمنياً وضياعاً اقتصادياً ونقصاً هائلاً في الخدمات.
ووصفت وسائل إعلام سلطة الأسد السياحة بأنها مورداً للعملة الأجنبية التي تفقدها، وباباً لتعويض خسائر قطاع السياحة خلال السنوات الـ 14 الماضية، مستثنيةً ما سمتها السياحة الدينية التي نشطت بشكل أكبر في زمن الحرب، وشهدت كثافة في الرحلات إلى المراقد الشيعية وتسهيلات كثيرة لم تشهدها سوريا من قبل، سياحة رآها السوريون أنها لا تشبه السياحة العادية.
وافتتح حسين عرنوس رئيس وزراء سلطة الأسد فندقاً (5 نجوم) في ديرالزور -بلغت تكلفة إعادة تأهيله 20 مليار ليرة سورية وفق حكومة الأسد- وعلّق بعض الأهالي على إشارة عرنوس إلى أن الفندق سينّشط حركة السياحة في المنطقة، ووصفت التعليقات الأجانب الذين يقصدون المنطقة أنهم “عسكريون روس أو إيرانيون، أو مدنيون من موظفي المنظمات والجهات الحكومية”.
وزير السياحة في حكومة الأسد محمد رامي مرتيني قال أمام مجلس الشعب التابع لسلطة الأسد “بلغ عدد القادمين إلى سوريا حتى نهاية شهر أيار المنصرم 780 ألف شخص، منهم 704 آلاف عربي و76 ألف أجنبي”. وأضاف أن “هذا يعني نسبة زيادة بلغت نحو 10 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، كما بلغ عدد القادمين للسياحة الدينية 79 ألف زائر بنسبة زيادة 26 في المائة، وعدد الليالي الفندقية 529 ألف ليلة بنسبة زيادة 33 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2023″.
وأغفل مارتيني حالات الخطف والمطالبة بالفدية لمن قيل إنهم سيّاح حال وصولهم إلى سوريا، كما حدث مع الأردني علي عماد إبراهيم الفتياني الذي اختطف في 27 حزيران 2023، عقب وصوله دمشق مع صديقه بغرض السياحة وفق تصريح والده لوسائل إعلام أردنية.
كما اختطفت ميليشيا تابعة لسلطة الأسد رجل الأعمال الأردني عبد الكريم قطيش الفاعوري، بعد دخوله إلى مناطق الأسد في 26/كانون الأول عام 2023 بهدف السياحة، وطالب الخاطفون بفدية مالية وصلت حتى 100 ألف دينار أردني وهو المبلغ الذي دفعه ذويه للإفراج عنه.
صحيفة الشرق الأوسط نقلت عن مصادر بمكتب سياحي في دمشق أن العام الأخير شهد تزايداً في أعداد المغتربين المقتدرين الذين يقصدون البلاد لإقامة حفلات الأفراح، حيث إن تكلفة حجز صالة بفنادق خمس نجوم مع امتيازات جيدة جداً، أقل بكثير من تكلفة إقامتها في أوروبا، إضافة لتفضيلهم السكن في الفنادق التي تضمن عروضها خدمة توفر الكهرباء والماء الساخن 24 ساعة، وهو أمر تفتقده بيوت ذويهم.
وتسمي قطاعات في سلطة الأسد عودة المغتربين لمناطق سيطرتها “سياحة المغتربين”، وهم من العائدين لزيادة الأهل أو الأقارب، ومنهم عائد لتسوية ملكيات عقارية أو غيرها، الأمر الذي تهدف من ورائه سلطة الأسد تقديم فكرة عن عودة الأمان لمناطق سيطرتها وأن هناك سهولة في التنقل ووفرة في الخدمات.
في هذا الصدد قالت الصحيفة السعودية نقلاً عن مصادر في مكاتب سياحة بمناطق سيطرة الأسد “من بين عشرات المجموعات السياحية المحلية والمغتربين، طلبت إحداها زيارة موقع أثري في ريف حماة، ولم نتمكن من الحصول على موافقات أمنية لكل أفراد المجموعة، فاقترحنا زيارة مدينة تدمر وليتنا لم نفعل، الوضع هناك مأساوي من حيث الدمار وسوء الخدمات ومشقة وتكاليف النقل”.
ويحاول الأسد بشتى الطرق تمويل عملياته العسكرية وما خلفته من ضائقة عليه، إما بسبب التزامه أمام حلفائه الروس والإيرانيون أو لتغذية الميليشيات التي تقاتل إلى جانبه، خاصة بعد هدوء الجبهات مع المعارضة والتفات تلك الميليشيات لتحصيل ما اتفقت عليه مع سلطة الأسد من مكاسب، في وقت سيطرت فيه روسيا وإيران على قطاعات كثيرة من قطاعات الاقتصاد السوري تحت أنظار الأسد.