يشتكي اﻷطباء العاملون في المشافي الحكومية وطلاب الماجستير في كليات الطب من القرارات والقوانين التي تضعها سلطة اﻷسد، إضافةً إلى سوء اﻷوضاع العامة، والتي تدفعهم للهجرة.
وقال “أحد طلاب الماجستير في كلية الطب” لجريدة الوطن الموالية لسلطة اﻷسد: “أي مستقبل طبي ينتظر بلادنا وسياسة العرقلة والتطفيش مستمرة؟”، معرباً عن استيائه من “القرارات الحكومية“.
وتمنع سلطة اﻷسد الأطباء المقيمين في مشافي وزارة الصحة وطلاب الدراسات العليا من العمل في المشافي الخاصة أثناء فترة اختصاصهم، كما قررت مؤخراً إضافة سنة كاملة إلى اﻷعوام الدراسية على جميع الاختصاصات الطبية تحت مسمى سنة الامتياز.
ولفت طالب الماجستير إلى أن الراتب الذي يتقاضاه الطبيب المقيم “لا يلبي تكاليف مواصلاته وسندويش فلافل أثناء المناوبات” متسائلاً: “كيف سيعيش الطبيب؟”، ومؤكداً أن قرار إضافة سنة الامتياز “مضيعة وهدر من عمر الطبيب وخسارة رواتب عام كامل للدولة لكل طبيب من دون أي فائدة سوى العرقلة والزيادة في تأزم الوضع وإيصال الخريجين لمرحلة الحقد والهجرة”.
من جانبه اشتكى “طبيب مقيم في مشفى المواساة” من الراتب البالغ نحو ٣٠٠ ألف بعد الزيادة، مضيفاً: “هل من المعقول بعد الدراسة والجهد أن يحصل الطبيب على هذا الراتب؟ كل القرارات التي تصدر تدفعنا نحو التفكير في الهجرة أكثر”.
ولفت إلى أن سياسية الحجز والإلزام “لا تنفع”، حيث أن “العمل في المشافي الخاصة بالنسبة للطبيب المقيم هو الملجأ الوحيد، وسنة الامتياز ليس منها أي فائدة.. نحن نضيع وقتاً لا أكثر”.
وقال الدكتور في مشفى التوليد الوطني خبات يوسف إن المشافي قائمة بجميع فروعها العامة والخاصة والتعليمية التابعة لوزارة الصحة والتعليم على المقيمين، منتقداً قرار منعهم من العمل في المشافي الخاصة، حيث “كان بحجة أن يتفرغ الطبيب المقيم لاختصاصه.. ولكن كيف يتفرغ وراتبه لا يتجاوز ٢٠٠ ألف وهو أساساً لا يكفيه أجور مواصلات من وإلى المشفى؟”.
وأضاف أن “هناك الكثير من المؤتمرات الطبية التي تعقد في محافظات مختلفة لا يستطيع الطبيب المقيم حضورها بسبب التكاليف المادية من مواصلات وحجز غرفة وطعام جاهز، إذاً كيف يتفرغ الطبيب لاختصاصه وراتبه لا يكفي لحضور مؤتمر طبي؟”.
ويعمل الكثير من الأطباء وبالأخص في مجال الجراحة بالمشافي الخاصة بشكل مجاني كمساعدين في العمليات من أجل التعلم وكسب خبرة إضافية، وبالتالي فإن “قرار المنع يقف عائقاً أمام تحسين الكوادر الطبية وتحصيل الخبرة” بحسب يوسف.
وتغادر الكوادر الطبية السورية مناطق سيطرة اﻷسد، مع حالة الانهيار الاقتصادي المتصاعدة، حيث يبحث الممرضون عن ظروف أفضل للعمل، نتيجة تدهور اﻷوضاع العامة وضعف اﻷجور.
ويبلغ راتب الممرضة الشهري نحو 260 ألف ليرة سورية (18 دولارا أميركيا) وهو بالكاد يكفي لتغطية تكلفة الطعام والشراب والمواصلات لأيام قليلة من الشهر، مقابل ظروف العمل الشاقة التي تتطلب منها العمل لأكثر 12 ساعة، حتى في أيام العطل الرسمية والأعياد.
ولا يحصل الممرضون في مناطق سيطرة اﻷسد على أي بدائل نقدية أو حوافز مقابل الدوام الإضافي، في حين يتم تسليمهم مبلغ طبيعة عمل لا يتجاوز 5% من الأجر الشهري، على عكس باقي الكوادر الطبية من الأطباء وفنيي التخدير، الذين يحصلون على ما يقارب 100%.
وتشهد البلاد نزيفا حادا في الكوادر الطبية ، تصاعد خلال السنوات الأخيرة، تزامنا مع تدني الأجور وسوء الأوضاع المعيشية في البلاد، على وقع انهيار الليرة السورية والأزمات الاقتصادية.
وكانت صحيفة البعث الموالية لسلطة اﻷسد، قد أكدت أن الآلاف من الممرضين السوريين استقالوا خلال السنوات الخمس الأخيرة، محذرة من أن هذا النقص الحاد أدى إلى تراجع جودة الرعاية الصحية، وارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالالتهابات، وتراجع احتمالات النجاة للمرضى.