تستمر هجرة الكوادر الطبية من مناطق سيطرة اﻷسد، مع حالة الانهيار الاقتصادي المتصاعدة، حيث يبحث الممرضون عن ظروف أفضل للعمل، نتيجة تدهور اﻷوضاع العامة وضعف اﻷجور.
وقالت الممرضة السورية رهام الحلبي (اسم مستعار) لموقع “الجزيرة نت” إنها تستعد للسفر بهدف العمل في العراق، براتب شهري يفوق ما تحصل عليه في إحدى المستشفيات الحكومية في سوريا بـ10 أضعاف، بعد أن أمضت نحو 8 سنوات من عملها في مهنة التمريض.
ويبلغ راتب الممرضة الشهري نحو 260 ألف ليرة سورية (18 دولارا أميركيا) وهو بالكاد يكفي لتغطية تكلفة الطعام والشراب والمواصلات لأيام قليلة من الشهر، مقابل ظروف العمل الشاقة التي تتطلب منها العمل لأكثر 12 ساعة، حتى في أيام العطل الرسمية والأعياد.
ولا يحصل الممرضون في مناطق سيطرة اﻷسد على أي بدائل نقدية أو حوافز مقابل الدوام الإضافي، في حين يتم تسليمهم مبلغ طبيعة عمل لا يتجاوز 5% من الأجر الشهري، على عكس باقي الكوادر الطبية من الأطباء وفنيي التخدير، الذين يحصلون على ما يقارب 100%.
وأكدت الممرضة أن معظم زملائها يفكرون بالهجرة، وينتظرون الفرصة المناسبة للسفر خارج البلاد والعمل بظروف أفضل، مشيرة إلى أن ما يمنعهم هو عدم توفر تكاليف السفر، فضلا عن تضييق حكومة اﻷسد ووزارة الصحة على من تبقى ومنعهم من الاستقالة.
وتشهد البلاد نزيفا حادا في الكوادر الطبية ، تصاعد خلال السنوات الأخيرة، تزامنا مع تدني الأجور وسوء الأوضاع المعيشية في البلاد، على وقع انهيار الليرة السورية والأزمات الاقتصادية.
وكانت صحيفة البعث الموالية لسلطة اﻷسد، قد أكدت أن الآلاف من الممرضين السوريين استقالوا خلال السنوات الخمس الأخيرة، محذرة من أن هذا النقص الحاد أدى إلى تراجع جودة الرعاية الصحية، وارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالالتهابات، وتراجع احتمالات النجاة للمرضى.
وأشارت الصحيفة إلى أن القطاع التمريضي بات منهكا؛ حيث تُقدم ممرّضة واحدة الرعاية الصحية لكل 15 مريضا، ضمن مقياس غير طبيعي، وتقر القوانين الطبية بأن تقوم ممرضة واحدة بخدمة 5 مرضى بالأقسام العادية في المستشفيات.
من جانبه قال طبيب الأطفال زيد الأسعد، إن فئة الممرضين تحملت أعباء إضافية، من بين باقي الكوادر الطبية ، مقابل عدم ملاحظة الجهود التي يبذلونها، وتقاضيهم أجورا شهرية لا تسد الرمق، مؤكدا أن “الهجرة وتسرب القطاع الطبي هو مسار طبيعي يحدث خلال الحروب والأزمات التي تواجه الدول”.
كما لفت إلى فشل حكومة اﻷسد في المحافظة على الكوادر الطبية من خلال تحسين أجورهم وبدلات طبيعة العمل، حيث أن فرق الأجور ما بين سوريا والدول المجاورة لعب دورا كبيرا في حركة هجرة الممرضين والممرضات السوريات، عبر استقطابهم للعمل بظروف معيشية أفضل.
وأكد اﻷسعد أن الحلول الأمنية غير مجدية في المحافظة على من تبقى من كوادر طبية سورية، كما أن وزارة الصحة لم تقم حتى اليوم بتفعيل نقابة التمريض السورية، وفق ما نص عليه المرسوم رقم 38 لعام 2012، ولم يتم إقرار نظامها الداخلي والمالي، ولا حتى انتخاب نقيب للتمريض، ولا استحداث صندوق تقاعد للممرضين.
يشار إلى أن الهجرة تشمل أيضا اﻷطباء حيث أكد رئيس نقابة الأطباء في دمشق التابعة لسلطة الأسد عماد سعاده، منذ نحو أسبوعين، أن المئات منهم يتقدمون شهرياً للحصول على طلبات بالمغادرة لخارج البلاد.