تستمر سلسلة الاستقالات الجماعية للموظفين من المؤسسات التابعة إلى حكومة اﻷسد، حيث بات الراتب لا يكفي الموظف يوماً واحداً، مع تزايد اﻷعباء المالية.
وقال مدير فرع مؤسسة تصنيع وتجارة الحبوب في حماة المهندس وليد جاكيش إن هناك نقصاً شديداً في عدد العاملين بمختلف مفاصل المؤسسة.
وأوضح أن المؤسسة تحتاج إلى 600 عامل في مختلف المواقع منهم 45 سائقاً لنقل القمح والطحين، وهؤلاء كانوا موجودين ولكنهم استقالوا بسبب ضعف الرواتب.
وأضاف جاكيش أن ضعف الراتب وارتفاع أجور نقل العاملين المقيمين في مناطق بعيدة، يسبب نقصاً في العمال إلى جانب التقاعد والتسريح الصحي، لافتاً إلى “معاناة كبيرة تواجهها مطاحن حماة” وهي انقطاع التيار الكهربائي عنها مرات عدة رغم أنها تُغذى من “خط معفى من التقنين”.
وأكد أن أي انقطاع يوقف إنتاج الطحين لفترة لا تقل عن ساعة لإعادة إقلاع المطحنة، مشيراً إلى وجود مولدات يقل استخدامها بسبب تكاليف محروقاتها الباهظة.
وقد تمّ مؤخراً توظيف 116 عاملاً، قسم كبير منهم من الإناث، علماً أن “ملاك فرع حماة لتجارة وتصنيع الحبوب يجب أن يكون 1495 عاملاً”، حيث يتبع لمؤسسة تصنيع وتجارة الحبوب، المطاحن والصوامع ومراكز الحبوب في مختلف أنحاء المحافظة، وفقاً للمدير.
وليست هذه المرة الأولى التي تعاني فيها مؤسسات حكومة اﻷسد نقصاً في الكوادر البشرية، حيث كشف رئيس نقابة عمال التنمية الزراعية في حماة محمد راضي السويد، في وقت سابق عن خروج 327 عاملاً خلال عام 2023 في جهات عدة يتبع عمالها للنقابة في حماة غالبيتهم استقالوا.
وشملت الاستقالات مديرية وهيئة تطوير الغاب والدواجن والبحوث الزراعية في حماة وسلمية والغاب، إضافة إلى إكثار البذار ومؤسسة الأعلاف والثروة السمكية والثانوية الزراعية البيطرية في حماة وسلمية.
وبين السويد أن العاملين يواجهون ظروفاً تضطرهم للاستقالة منها عدم فتح سقف الرواتب، فمن وصل راتبه إلى حد معين حسب فئته الوظيفية ولن يزيد فإنه يستقيل حيث لا فرق مادي بين البقاء في العمل أو تركه.
وقال “اتحاد العمال السوريين” التابع إلى حكومة اﻷسد، في تموز/ يوليو الماضي، إن أعداد المستقيلين ومقدمي طلبات الاستقالة تصاعد بشكلٍ لافت، منذ بداية عام 2023، حيث سُجّلت استقالة 400 موظف في محافظة السويداء وحدها، و300 حالة أخرى في محافظة القنيطرة؛ معظمهم من قطاع التربية، وذلك حتى مطلع حزيران فقط.
وفي محافظة اللاذقية بلغ عدد المتقدمين بطلبات الاستقالة 516 شخصاً؛ نصفهم من العاملين في شركات الغزل والنسيج، فيما تقدّم 149 عاملاً في مؤسسة التبغ بطلبات للاستقالة، إضافة إلى 58 آخرين من قطاع الزراعة و31 من مديرية الصحة بالإضافة و48 من موظفي بقية القطاعات.
وقال “عبد الرحمن تيشوري” الذي وصفته صحيفة موالية بـ”الخبير الإداري” تعليقاً على تلك اﻷرقام إن “القطاع العام وصل للإفلاس الإداري نتيجة ضعف الأجور والفساد ووجود عجز كبير بأداء المؤسسات وظهور حالات التسيب وعدم حماية وحراسة تلك المؤسسات”.
وذكر أن الرقابة “كشفت عن عمليات اختلاس بمتوسط 10 ملايين ليرة في اليوم الواحد”، لافتاً إلى أن نصف فئة الشباب من أصحاب الخبرات الواسعة هجروا البلاد، ومتوقعاً زيادة النسبة في حال بقي حال القطاع العام على ما هو عليه.
وأضاف “تيشوري” أن سلطة اﻷسد لا تتخذ أي إجراء لتغيير هذا الواقع، قائلاً: “اليوم نلاحظ تزايد طلبات الاستقالة نتيجة عدم تناسب كتلة الرواتب مع التضخم الاقتصادي بحيث لا تغطي حتى كلفة النقل ما يجعل الموظف يعمل بشكل شبه مجاني”، فضلاً عن “حالات الفساد التي اخترقت حتى آلية الترقية الوظيفية والحوافز، حيث تُمنح لموظفين محددين”.
وكانت تقارير سابقة قد كشفت عن استقالات كبيرة وهجرة واسعة في صفوف العاملين بالقطاع الطبي، منا يُنذر بخطر كبير قد يؤدي إلى توقّفه، فضلاً عن تراجع وضعف في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة وتربية الدواجن وإنتاج اللحوم.