رفع لاجئ سوري في ألمانيا دعوى ضدّ السلطات الكرواتية لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بسبب قيام حرس الحدود الكرواتيين بضرب رفاقه أثناء محاولتهم عبور الحدود، وإعادتهم قسراً نحو البوسنة.
وقام سامي باركال سراً بتصوير حرس الحدود وهم يضربون رفاقه في السفر، قبل أن يعيدوهم، وقال لصحيفة “الغارديان” البريطانية: “أردت أن يفهم الناس ما كان يحدث لنا وكيف يلعبون بحياتنا كما لو أنها لا تساوي شيئًا، وماذا يمكننا أن نفعل لجعله يتوقف؟”.
ويبني اللاجئ السوري الذي غادر “عين العرب/ كوباني” منذ عام 2014 “آمالاً كبيرة” على المحكمة، داعياً لإيجاد “طريقة أكثر إنسانية”.
– رحلة طويلة
يتذكر باركال قائلاً: “ذهبت مع أمي وأخي إلى تركيا.. لقد عادوا بعد فترة من الوقت، لكنني لم أتمكن من العودة لأنني كنت خائفا من أنني سأضطر إلى الخدمة في الجيش، عندما غادرت عائلتي، بدأت الحياة حقًا بالنسبة لي، كان علي أن أتعلم المزيد عن الحياة بمفردي”.
وقرر الشاب السوري بعد ذلك الانضمام إلى مئات طالبي اللجوء الذين يسيرون على الطرق المغطاة بالثلوج على طريق البلقان يوميًا، محاولين الوصول إلى وسط أوروبا، قبل أن يتم إيقافهم من قبل حرس الحدود الكرواتية وتفتيشهم، مع تعرض بعضهم للسرقة وإعادتهم بعنف إلى البوسنة، حيث تقطعت السبل بالآلاف من طالبي اللجوء في درجات حرارة متجمدة، وفقاً للصحيفة.
وتجري عمليات اﻹعادة بشكل “ينتهك القانون الدولي”، الذي ينص على أنه يجب أن تتاح لطالبي اللجوء فرصة تقديم طلب اللجوء بمجرد وجودهم داخل حدود الدولة.
يضيف باركال قائلاً: “كان الوضع كارثياً.. لم يكن هناك أي دعم على الإطلاق، وانتهى بنا الأمر بالنوم في حقل موحل.. كانت لدي خيمة، لكن كان على كثيرين آخرين أن يرتجلوا أكياس القمامة.. لقد اعتمدنا على المتطوعين والسكان المحليين للحصول على الطعام والاستحمام.. واضطررت الى الخروج من هناك”.
وفي نوفمبر 2018، قرر باركال عبور الحدود من البوسنة إلى كرواتيا مع مجموعة من طالبي اللجوء من شمال إفريقيا، ولأنه الأصغر في المجموعة، اقترح الكبار عليه البقاء في حالة إيقافهم من قبل حرس الحدود الكرواتية، وفجأة سمع صراخًا يتردد صداه في الليل البارد، فبدأ التصوير مختبئًا خلف الشجيرات، وبحسب الشاب السوري فإن “الشرطة الكرواتية تعذب الناس وتكسر عظامهم”.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يُجبر فيها باركال على العودة، فقبل ذلك بشهر، في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أوقفه حرس الحدود الكرواتية هو ومجموعة من السوريين أثناء استراحتهم في مبنى مهجور، حيث “أجرى الضباط تفتيشًا وصادروا ممتلكات المهاجرين، ثم تم اصطحابهم إلى شاحنة بيضاء وإعادتهم إلى الحدود”.
وأضاف: “عندما فُتحت أبواب الشاحنة، رأينا مجموعة من ضباط الشرطة المسلحين ينتظرون في الخارج.. أشاروا لنا بالتحرك ولم يقولوا كلمة واحدة.. كنا خائفين جدًا من التحدث، وخطر لنا أنهم سيعيدوننا قسراً إلى البوسنة.. العودة إلى العيش في هذا الحقل الموحل ستكون بلا شيء”.
وبعد محاولات عديدة، تمكن بركل أخيراً من الوصول إلى ألمانيا في نهاية عام 2018 حيث وافقت السلطات على طلبه للحصول على اللجوء، ويعمل اليوم في سوبر ماركت في نوردن، وهي بلدة تقع على ساحل بحر الشمال في ألمانيا.
ويتعين على المحكمة الآن أن تقرر أن كرواتيا انتهكت حقوق سامي بطرده بشكل غير قانوني إلى البوسنة عندما كان قاصراً، وبالإضافة إلى هذه النتيجة، سيُطلب من كرواتيا ضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مرة أخرى، و”سيتعين عليهم وضع خطة عمل وتقديم تقارير عن تنفيذها”.
يُذكر أن كرواتيا نفت باستمرار أنها أعادت طالبي اللجوء إلى البوسنة أو أنها استخدمت العنف ضدهم، على الرغم من شهادات عمال الإغاثة ووسائل الإعلام والصحفيين، لكن الرئيسة الكرواتية كوليندا غرابار كيتاروفيتش قالت في وقت سابق: “لم يستخدم حرس الحدود القوة المفرطة، ولكن، بالطبع، بعض القوة ضرورية أثناء عمليات الصد”.