خاص | حلب اليوم
تناقضت وتعددت الآراء حول مصير القيادي البارز في هيئة تحرير الشام “جهاد عيسى الشيخ” المعروف بـ”أبو أحمد ذكور”، بعد أن تصدر حدث هروب الأخير من منطقة إدلب، إلى الواجهات اﻹعلامية والمواقع اﻹخبارية، نظراً لمكانته الرفيعة في صفوف الهيئة، في وقتٍ لا يزال يكتنف الغموض قضيته منذ إعلان القبض على “أبو ماريا القحطاني” وقيادات رفيعة أخرى.
وباعتبار أن “تحرير الشام” لا تتبنى اعتقال هذه الشخصيات إلّا بعد تصدّرها حديث الشارع، تماماً كما حدث مع قضية “القحطاني” التي دفعت بها التساؤلات إلى إخراج بيان رسمي، جمدت بموجبه صلاحياته، واتهمته بالعمالة وسوء اتصالاته، رغم توصيفه بـ”اﻷخ”، لا تزال تتحفظ “تحرير الشام” بذكر أي معلومات تخصّ “ذكور”.
ما الجديد؟
منذ مطلع شهر كانون الأول الجاري، تُكثف هيئة تحرير الشام من حملة اعتقالاتها في أرياف إدلب، إذ داهمت منازلاً عدّة اعتقلت من خلالها عناصر يعملون في صفوفها، بينهم قادة عسكريين بتهمة التخابر مع التحالف الدولي وروسيا وسلطة الأسد، بيّد أن تحرير الشام تحفظت على نشر أسمائهم أو التحدث عنهم.
وترافقت حملة المداهمات التي تحدثنا عنها، بانتشار أنباء تُفيد بأن المدعو “أبو أحمد ذكور” فرّ هارباً من منطقة إدلب إلى منطقة إعزاز ملتجأً صوب أبناء عشيرته، هرباً من قبضة جهاز الأمن التابع لتحرير الشام، خوفاً من مصير مشابه لرفيق دربه “أبو ماريا القحطاني”.
وعزّزت هذه الأنباء شهادات محلية من أهالي بلدة “رأس الحصن” شمالي إدلب، الذي أكّدوا أن مسلحين ملثمين يتبعون لهيئة تحرير الشام داهموا مساء الثلاثاء المصادف 12 كانون الأول الحالي، مزرعة “أبو أحمد زكور”، بالإضافة إلى مقرات مجموعات تتبع له في عدة مناطق أبرزها باتبو بريف حلب الغربي، وعقربات بريف إدلب الشمالي، بهدف اعتقاله.
من جهته، رأى حساب “أبو يحيى الشامي” على منصة “تلغرام” والذي يشتهر بمتابعة أخبار تحرير الشام وكشف القضايا الخفية عن قيادات الجماعات الإسلامية، أن مجموعات من تحرير الشام اقتحمت منزل “أبو أحمد زكور” بقيادة الأمني “وسام الشامي” المقرب من الجولاني، والذي يعمل عليه الأخير ليكون بديل عن “زكور”.
وأوضح الشامي أن قضية مداهمة منزل زكور ليست بهدف اعتقاله، بل قتله مباشرةً، مؤكداً صدور قرار في أروقة تحرير الشام بقتل “زكور” منذ أيام عدّة، بهدف طي جميع التكتلات التي تعارضه.
في المقابل، تُشير مصادر متطابقة، أن القوة التي داهمت منزل “زكور” كان يقودها عناصر يعملون في حركة أحرار الشام وتحديداً أحرار صوفان المتحالفين مع الهيئة والمنضوين تحت عباءتها.
تلك الروايات التي طرحت على مواقع التواصل، دفعت “زكور” للردّ عليها ونفيها بشكل قطعي، ونشر على حسابه في منصة “X” سلسلة منشورات جاء فيها: “منذ خروج سجن صيدنايا واللحاق بركب الثورة السورية أعتبر الفصائل والجماعات وسيلة لنصرة الثورة والدين وليست غاية بذاتها وأنني وإن كنت أنتمي لفصيل تنظيمياً فإنني عملاً وقلبا أنتمي لكل فصيل ثوري مجاهد”.
وأضاف في منشور آخر: “كنت ساعياً طوال مسيرتي لأكون مفتاح للخير مغلاق للشر ما استطعت لذلك سبيلا، ومن فضله أيضا أنني كنت ضد أي قتال داخلي ضمن فصائل الثورة وخروجي في قتال 2017 خير دليل على ذلك”.
وأنهى حديثه في منشور ثالث بقوله: “لهذه اللحظة لم أتخذ أي خطوة بالخروج أو الانضمام لأي فصيل وليس لي أي قناة تلغرام أو منبر إعلامي غير هذا الحساب”.
وتشير التصريحات التي أدلى بها “زكور” إلى نفي جميع الأنباء التي تتحدث عن فراره من منطقة إدلب، في وقتٍ لا يزال يُشكك مراقبون في تلك التصريحات رغم ورودها على لسانه.
بداية الحملة
شرعت تحرير الشام حملات الاعتقال من مطلع حزيران الماضي، وبلغت أوجها أوائل شهر آب، ضدّ خلايا بتهمة العمالة لجهات خارجية متعددة، من بينها ميليشيا “حزب الله” اللبناني وروسيا والتحالف الدولي ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، من دون أن توضح وقتئذٍ أي تفاصيل عن طبيعة التواصلات وماهية المعلومات التي سربتها هذه الخلايا.
وطالت عمليات الاعتقال قياديين منشقين عن تحرير الشام وجهاديين وعناصر وقياديين في مواقع حساسة من الصفّين الأول والثاني وشرعيين، وعُرف من بين المعتقلين القيادي البارز أبو ماريا القحطاني، وأمير الهيئة في مدينة تفتناز أبو اليمان تفتناز، وأبو صبحي تل حديا، المنضوي إلى لواء علي بن أبي طالب، وأبو خالد مسؤول الكتلة الشرقية، وإعلامي ضمن صفوف الهيئة، ومسؤول كاميرات المراقبة وخطوط الإنترنت على خطوط التماس مع قوات الأسد، المتهم بتقديم معلومات كاملةً لسلطة الأسد وروسيا عن نقاط الحراسة، ومسؤول الموارد البشرية في الجناح العسكري المتهم بتقديم نسخ كاملة من سجلّات العسكريين في الهيئة، مع صور بطاقاتهم العسكرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ومسؤول الدراسات الأمنية عن منطقتي سرمدا والوسطى، ومسؤول الموارد البشرية في الجناح العسكري، وشخصيات أخرى ذات وظائف مدنية كمسؤول المعابر، ومدير مكتب حكومة الإنقاذ.
من هو أبو أحمد زكور؟
اسمه الكامل “جهاد عيسى الشيخ” ويُطلق عليه لقب ” أبو أحمد زكور”، ويعد من أبرز القياديين في “هيئة تحرير الشام” وسابقتها “جبهة النصرة”، ولعب أدواراً مختلفة منذ تأسيسها عام 2012 على الأقل.
يشغل الشيخ منصبا قياديا في “هيئة تحرير الشام” بصفته عضواً في مجلس الشورى، وأميراً على قطاع حلب، والمشرف على المحفظة الاقتصادية للهيئة في الخارج وأذرعها المالية.
وتنوعت أدوار الشيخ بين عدة مناصب، منها منصب الأمير الأمني في “هيئة تحرير الشام” الذي تسلمه في آذار 2022، ومدير العلاقات العامة والتواصل مع القادة العسكريين والذي شغله في تشرين الأول 2022، بالإضافة إلى منصبه كمسؤول مالي للهيئة الذي تسلمه في شباط 2019، وفقاً لبيان صادر عن الخزانة الأمريكية.