خليل السامح – حلب اليوم
ارتفعت وتيرة التطبيع العربي مع سلطة الأسد في الآونة الأخيرة وإعادتها إلى جامعة الدول العربية، ما أثار حالة غضب لدى شريحة واسعة من السوريين، وخاصةً عدم مواجهة التطبيع من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، في حين قال مراقبون إن واشنطن اكتفت فقط بالتصريحات.
وكانت آخر موجات التطبيع مع سلطة الأسد، هو تقارب المملكة العربية السعودية مع الأسد، والتي جاءت بزيارة وزير الخارجية “فيصل بن فرحان” في 18 من نيسان الفائت، إلى العاصمة دمشق، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ عام 2011.
مشروع قانون لمحاربة التطبيع مع الأسد
“التحالف الأمريكي لأجل سوريا” أعلن في بيانٍ له، مساء أمس الثلاثاء، أن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي أقرت مشروع قانون محاربة التطبيع مع سلطة الأسد لعام 2023، وذلك بعد أيام من طرحه.
وأوضح البيان أن المشروع مرّ بموافقة الغالبية الساحقة من أعضاء المجلس، فيما صوت عضو واحد فقط بـ “لا” معترضاً على القواعد الإجرائية لا على نص القانون.
ويحظر مشروع القانون على الحكومة الفيدرالية الأمريكية الاعتراف أو تطبيع العلاقات مع أي حكومة في سوريا بقيادة “بشار الأسد” الذي يخضع لعقوبات أمريكية، كما يوسّع المشروع من “قانون قيصر”.
ويُرسل مشروع القانون، بعد حصوله على موافقة لجنة العلاقات الخارجية، إلى مجلس النواب للتصويت عليه، ومن بعدها، في حال إقراره، يُمرّر إلى مجلس الشيوخ للتصديق، وأخيراً إلى مكتب الرئيس “جو بايدن” ليوقع عليه ويُصبح نافذاً.
مدى أهميته وتأثيره
” عمار عز الدين” المحامي ومدير مكتب “رابطة المحاميين السوريين الأحرار” في ولاية هاتاي التركية، وصف المشروع الأمريكي الجديد بأنه “خطوة مهمة في الطريق الصحيح”، وذلك لتضمن مواده فرض عقوبات على المتعاملين مع سلطة الأسد.
وأوضح “عز الدين” في تصريح لموقع “حلب اليوم”، أن المشروع يُعد من أقوى التشريعات المتعلقة بسوريا من حيث فرض العقوبات منذ إقرار قانون “قيصر” عام 2019، مشيراً إلى أن خطوة واشنطن جاءت كـ “رد حازم على من يلهثون للتطبيع مع سلطة الأسد قبيل انعقاد القمة العربية التي وجهت دعوة لسلطة الأسد لحضورها”.
واعتبر “عز الدين” أن المشروع لا يعني بأنه أصبح قانوناً، ولكن يعكس موافقة اللجنة فقط، مبيّناً أن هناك إجراءات يجب أن يمّر من خلالها هذا المشروع أو المسودة حتى يُصبح قانوناً.
وحول آثار مشروع القانون، أفاد “عز الدين” بأنه من المبكر التكلم عن المشروع وآثاره حتى يُصبح قانوناً نافذاً، وما سوف يطرأ عليه من تعديلات قانونية.
ولكن في حال تم إقرار المشروع بشكلٍ كامل من قبل واشنطن، رأى المحامي أنه سيكون له أثراً كبيراً من ناحيتين، الأولى الناحية الاقتصادي التي ستمنع الدول المطبّعة مع سلطة الأسد من تنفيذ مشاريع اقتصادية أو الحصول على امتيازات مقابل هذا التطبيع.
أما الناحية الثانية – حسب “عز الدين” – فهي مادّة الملف السياسي في المشروع، والتي تنص على عدم الاعتراف بأي حكومة يقودها “بشار الأسد”، موضحاً أن هذا “تجريم صريح لسلطة الأسد بارتكابها جرائم حرب ضد الإنسانية في سوريا، وهذا يجعل الدول التي طبّعت معها في موقف قانوني حرج”.
وعند السؤال حول تراجع موجة التطبيع العربية مع سلطة الأسد بعد إقرار المشروع، اعتبر “عز الدين” أن الموقف العربي للتطبيع مع سلطة الأسد لا أهمية له من الناحية الدولية في ظل معارضة الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
واستشهد بذلك رئيس السودان السابق، “عمر البشير”، لافتاً إلى أنه رغم تطبيع بعض الدول العربية معه إلا أنه ظل منبوذاً دولياً، وهذا جعله خارج المشهد السياسي والاقتصادي الدولي.
أما بالنسبة لموقف التطبيع، فهذا يعتمد على موازنة مصالح هذه الدول التي تسعى للتطبيع مع سلطة الأسد، وما مدى المكاسب التي سوف تحصل عليها من التطبيع ومدى الخسائر التي سوف تتعرض لها من الناحية السياسية والاقتصادية، من جرّاء فرض عقوبات بموجب المشروع، حسب “عز الدين”.
وفي حال أصبح المشروع قانوناً نافذاً، يجب أن يترافق مع أمرين الأول، آلية للتنفيذ تكون مُشدّدة تتضمن عدم التحايل على هذه العقوبات كما جرى سابقاً في القوانين التي فُرضت على سلطة الأسد، وعملت الأخيرة بالتعاون مع روسيا وإيران للتحايل على بعضها، تبعاً لـ “عز الدين”.
والأمر الآخر الذي أوضحه المحامي هو أن يترافق القانون بإرادة سياسية حقيقية لدفع العملية السياسية في سوريا، تتخطى مرحلة المحافظة على توزان القوى بإجراء محاسبة فعلية عن الجرائم التي ارتكبتها سلطة الأسد وداعميها، واتخاذ خطوات جادة في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم “2254”، وتحقيق الانتقال السياسي الحقيقي.
وفي 11 من أيار الحالي، كشف مصدر من “التحالف الأمريكي لأجل سوريا” لـ “حلب اليوم” عن مشروع قانون سيُطرح في الكونغرس تحت اسم “قانون محاربة التطبيع مع نظام الأسد لعام 2023”.
وبيّن المصدر أن القانون يهدف لحظر أي إجراء حكومي أمريكي من شأنه الاعتراف بأية حكومة سورية يرأسها “الأسد” أو تطبيع العلاقات معها، لافتاً إلى أن القانون سيكون برعاية الحزبين “الجمهوري” و”الديمقراطي” معاً.