تزايد الحديث مؤخراً عن انتهاكات خطيرة ومستمرة بحق الأطفال اللاجئين إلى المملكة المتحدة، وسط صمت الحكومة ووزارة الداخلية، تجاه معلومات متطابقة حول جرائم فظيعة بحق اﻵلاف منهم.
وكشفت “ذا غارديان” في تحقيق نشرته مؤخراً عن جانب جديد من الانتهاكات، والاحتجاز غير القانوني، وما أسمتها “الإخفاقات” التي “دفعت الأطفال إلى أيدي المجرمين”، فبينما يسعون للحصول على اللجوء في المملكة المتحدة “يتعرضون للتهديد والإساءة العنصرية من قبل الموظفين في فندق “برايتون” الذي تديره وزارة الداخلية”.
وتحدث أحد المبلغين عن المخالفات للصحيفة، وهو شخص عمل في الفندق لأكثر من عام، عن “الإساءة العاطفية” في البيئة الخطيرة التي تحيط بنُزل آلاف الأطفال ممن وصلوا إلى بريطانيا بدون آباء أو مقدم رعاية، وهو ما يدفع بهم إلى الشوارع لينتهي بهم المطاف إلى أيدي المجرمين.
وكانت صحيفة “الأوبزرفر” قد كشفت في تحقيق نشرته منتصف الشهر الجاري، عن اختطاف نحو 200 طفل من قبل عصابات من نفس الفندق، مما دعا إلى إغلاق مثل هذه الأماكن وإجراء تحقيق عام.
ورغم تزايد الضغط على الحكومة للتصرف بشأن الأزمة المستمرة، فإن وزارة الداخلية ما تزال عاجزة عن تقديم توضيحات.
ونقلت الصحيفة في تحقيقها عن “مصادر مرتبطة بحماية الطفل” و”مبلغ عن المخالفات يعمل مقاولاً لدى وزارة الداخلية” كيف تم اختطاف الصغار من الشارع خارج الفندق ووضعهم في سيارات وسوقهم إلى جهة مجهولة.
وأكد “مُبلِغ آخر” أن بعض الأطفال في فندق “برايتون” قد تعرضوا للتهديد بأن طلبات لجوئهم ستتضرر إذا “أساءوا التصرف”، بينما عوقب آخرون من خلال احتجازهم بشكل غير قانوني في الفندق لعدة أيام، متهماً مسؤولي وزارة الداخلية بتجاهل مخاوفه، حيث قال: “سمعت موظفين يهددون بإلقاء الأطفال من النافذة ويمزحون بشأن فقدهم”.
وأضاف أنه عندما تم الإبلاغ عن حالات سلوك غير لائق للموظفين، لم يتخذ الفندق أي إجراء واضح، وهو واحد من سبعة تديرها وزارة الداخلية لرعاية الأطفال الوحيدين الذين يطلبون اللجوء.
وقال “المبلغ”: “كان هناك الكثير من الأشياء المعادية للأجانب، مثل: عبارة “عد إلى بلدك “، وسمعت شخصاً ما من أحد كبار الموظفين يصف الطفل بأنه “إرهابي سخيف” “، بينما يتحدث الموظفون دائماً عن اختطاف الأطفال من الشوارع القريبة وعن أن اﻷمر “كان معروفاً للجميع”.
وتحقق شرطة “ساسكس” في قضية إتجار محتملة بعد أن ركب ثلاثة أطفال سيارة خارج فندق “برايتون”، ثم اقتيدت السيارة باتجاه لندن قبل أن تعترضها الشرطة، وتقول مصادر وزارة الداخلية إنها “لا تملك أي دليل على اختطاف أطفال”.
ويوضح المصدر أن معظم الأطفال في الفندق معرضون لخطر الاستغلال، ويدينون بالمال ويتواصلون مع المُتجِرين والمهربين الذين رتبوا عبورهم بقواربهم الصغيرة من فرنسا، و”هناك الكثير من الأموال المستحقة للوكالات التي أخرجتهم من “كاليه”، ويجب عليهم سداد هذه الأموال في أسرع وقت ممكن، وإلا فسيكون لدى المُتاجِر بهم فرصة تشغيلهم في لندن، على سبيل المثال”.
ومنذ التحقيق الذي أجرته “الأوبزرفر”، تصاعد الضغط على الحكومة لحماية الأطفال بشكل مناسب، وطالبت أكثر من 100 جمعية خيرية بالعمل على منع وزارة الداخلية من وضع الأطفال المعرضين للخطر في الفنادق، وهو “ما لم يكن لديها أساس قانوني للقيام به”.
في فندق “برايتون” وحده، يوجد ما مجموعه 76 طالب لجوء من الأطفال في عداد المفقودين، مع 70 آخرين في عداد المفقودين من الفنادق التي تديرها وزارة الداخلية في “كينت” المجاورة.
وقالت “باتريشيا دور”، الرئيسة التنفيذية لمنظمة “حقوق الأطفال” Ecpat UK، إن ما تم الكشف عنه من المبلغين يشير إلى “فشل فاضح ومتزايد في حماية الطفل”، حيث كان من المثير للصدمة أن عدداً من 4600 طفل غير مصحوبين بذويهم مروا عبر فنادق وزارة الداخلية ربما واجهوا موظفين، بدلاً من الاعتناء بهم و”هددوهم وعاملوهم وكأنهم لا قيمة لهم”.
وأضاف المُبلغ عن المخالفات أن جودة الطعام الذي كان يقدم للأطفال في الفندق كانت سيئة بما يكفي لدرجة أنهم يريدون المغادرة، حيث كانت المنتجات قديمة في كثير من الأحيان، مع بعض الوجبات الجاهزة بتاريخ مارس 2021، أي قبل أربعة أشهر من بدء فندق “برايتون” في استيعاب الأطفال غير المصحوبين بذويهم.
وهناك عامل آخر يدفع الأطفال إلى الخروج من الموقع – تضيف “ذا غارديان” – وهو “خطط السلامة” المصممة لمنع الأطفال من الفرار، ولكنها ذات تأثير معاكس، فقد تم فحص الأطفال ممن حُكم عليهم أنهم أكثر عرضة للاتجار بهم من قبل الموظفين كلّ ساعة مرة للتأكد من وجودهم في غرفهم، وقال المُبلغ: “هذا يعني أنهم لا يستطيعون النوم: كان الأمر أشبه بالتعذيب، تركت نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال الفندق لأنهم لم يتمكنوا من النوم”.
وكان متحدث باسم وزارة الداخلية قد ادعى، اﻷسبوع الماضي، أنهم لم يتلقوا أي شكاوى فيما يتعلق بهذه الادعاءات، وأن “رفاهية الأطفال الذين هم تحت رعاية الحكومة هي أولوية مطلقة”، متحدثاً عن “إجراءات وقائية قوية” من أحل “التعامل مع الشكاوى بجدية بالغة وبسرعة”.