تحذّر أوساط صحية من تفاقم الوضع الصحي المتردي في شمال غربي سوريا، لناحية التهديد المستمر بانتشار وباء “الكوليرا”، مع تأخر وصول اللقاحات التي خصصتها منظمة الصحة العالمية للمنطقة، وسلّمتها لنظام اﻷسد ﻹيصالها “عبر خطوط التماس”.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد سلمت النظام قبل أسابيع مليوني جرعة لقاح فموي ضد “الكوليرا”، لكنّه لم يُسلّمها لمناطق الشمال الغربي حتى اليوم، فيما تم تسجيل عشرات الوفيات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، من بين آلاف الإصابات.
وتعاني المنطقة من ضعف البنية التحتية الصحية وعجز الإدارات المحلية والمنظمات عن وقف تفشي الوباء، وسط انتشار مخيمات النازحين التي تفتقد لشروط النظافة، ونقص المياه الصالحة للشرب، والتلوث الناجم عن مشاكل في شبكات الصرف الصحي.
ويحذّر عاملون في اﻷوساط الصحية والمنظمات من تحول المرض إلى وباء عام يصعب التخلص منه، وقال “ياسر نجيب” رئيس اللجنة التنفيذية في فريق لقاح سوريا (محلي غير حكومي) شمالي سوريا، لوكالة “الأناضول“، إنهم تلقوا وعوداً باستلام لقاحات الكوليرا خلال الأيام القليلة الماضية.
وأوضح أن منظمة الصحة العالمية وافقت في 27 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، على تزويد شمال غربي سوريا بلقاحات الكوليرا، متوقعاً وصولها خلال أيام قليلة، مؤكداً أن العمل يتم على توفير التمويل اللازم لتنفيذ حملة اللقاح، “لكن ذلك سيأخذ بعض الوقت”.
كما لفت “نجيب” إلى أن “فريق لقاح سوريا” أعد الخطط العامة للتنفيذ وسيتم العمل على تعيين الكوادر وتدريبها ورسم الخطط التفصيلية ريثما يصل التمويل من الجهات الداعمة، ولكن “اللقاح ليس كل شيء” فهو “جزء من خطة شاملة لمكافحة وباء الكوليرا ولا يمكن للقاحات بمفردها أن تقضي على الوباء”.
وشدد على ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان سلامة مياه الشرب والحفاظ على خطوط نقل المياه وإضافة مادة الكلور إلى المياه لضمان قتل الكوليرا المنقولة عبرها، وعلى ضرورة توعية السكان بطرق انتقال عدوى “الكوليرا” التي هي عادة عن طريق تلوث الطعام والشراب بفضلات الإنسان.
وأضاف رئيس اللجنة: “كذلك من المهم توعية السكان بأعراض الكوليرا وأهمية اللجوء للطبيب بأسرع ما يمكن عند حدوث الإسهال وأهمية تعويض الماء والأملاح المفقودة من الجسم عن طريق شرب السوائل”.
من جانبه، أكد “واصل الجرك”، مدير البرامج الصحية في الرابطة الطبية للمغتربين السوريين (سيما) على أهمية لقاح الكوليرا لوقف انتشار المرض باعتباره أحد الركائز التي يعتمد عليها للحد منه، معرباً عن اعتقاده بأن اللقاح سيصل خلال الأيام القليلة القادمة، وربما خلال أسبوعين أو ثلاثة تنطلق الحملة الأولى للقاح الكوليرا الفموي شمالي سوريا.
ولفت “الجرك” إلى أن أعداد الإصابات ما زالت مرتفعة في المنطقة، مشيراً إلى ضرورة الاهتمام بمراقبة مياه الشرب وتعقيمها بالكلور لضمان عدم احتوائها على جرثومة الكوليرا، وضبط شبكات الصرف المفتوحة وإغلاقها أهم عوامل الحد من انتشار المرض.
إمكانيات ضعيفة
قال الإعلامي “محمد العبدالله”، للوكالة، إن القطاع الصحي في المنطقة بإمكانياته الضعيفة والمنظمات الموجودة على الأرض غير قادر على مواجهة تفشي المرض دون توفر اللقاح.
وأوضح أن أعداد المصابين والوفيات تزداد مع مرور الزمن وأن المواطنين في المنطقة يطالبون المنظمات الدولية و منظمة الصحة العالمية بالإسراع في تسليم اللقاحات، وخاصة أن تلك المنظمات سلمت مليوني جرعة إلى مناطق سيطرة النظام قبل شهرين.
وشدد “العبدالله” على ضرورة إزالة المخيمات القائمة واستبدالها بأبنية سكنية تأخذ بالاعتبار البعد الصحي ، لأن الوضع في المخيمات يشكل بيئة مثالية لانتقال وتفشي الفيروسات والأمراض المعدية، حيث أنه “طالما بقيت المخيمات على حالها فإن المنطقة برمتها تكون عرضة لكافة الفيروسات والأمراض”.
وكانت العديد من المنظمات العاملة في الشمال السوري قد أكدت أن استمرار الوضع الحالي في المخيمات يهدد المنطقة برمتها بانتشار مختلف اﻷوبئة.