أدى الانتشار الكبير والسريع لوباء “الكوليرا” في مناطق سيطرة النظام إلى مضاعفة أزمة الزراعة المتفاقمة أصلاً بسبب شحّ وغلاء أسعار الوقود والسماد، وفشل حكومة النظام في إيجاد حلول، حيث تتراجع المحاصيل بشكل يهدّد فعلياً بانقراض بعض اﻷصناف، وخصوصاً في منطقة الساحل غربي البلاد.
وفي ظل الجفاف والتغير المناخي وندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة، يأتي وباء “الكوليرا” ليزيد حالة التخبط الذي يعيشه المزارعون، في أزمة لم تشهدها البلاد من قبل.
وقد لجأ العديد من المزارعين إلى استخدام المياه الملوثة في ري المحاصيل الزراعية وسط تهالك البنية التحتية لشبكات الصرف الصحي والمياه على حد سواء، فضلاً عن دمار جزء كبير منها واعتماد الأهالي على مياه شرب مجهولة المصدر، وهو ما ضاعف من انتشار الوباء ودفع السكان إلى العزوف عن استهلاك الخضار، وفقاً لشهادات أدلى بها بعضهم لموقع “إندبندنت“.
ومع اتساع رقعة الجفاف وشح الأمطار في معظم الأراضي المزروعة وجفاف الآبار، تكشف اﻹحصائيات عن 594 مصاباً على الأقل، و29 حالة وفاة، حتى اليوم، حيث تربط التقارير بين الجفاف وانتشار المرض، وهو ما ألقى بظلاله على القطاع الزراعي.
توضح الأرقام تدني خط البيان التجاري المرتبط بالزراعة التي كانت تشكل جزءاً كبيراً من اقتصاد سوريا، فيما تضرّر أيضاً مصدرو الخضار والفواكه، بعد أن قلص الأردن من حجم استقباله للشحنات المحملة بالخضار، واقتصرت البضائع على الأطعمة المعلبة.
وتشير المعلومات الواردة من معبر نصيب الحدودي – وفقاً للمصدر – إلى إخضاع المنتجات الزراعية لفحوصات عدة إذ تعد “عمّان” بلد عبور نحو منطقة الخليج العربي، ما سيؤدي إلى إحداث شلل في حجم تصدير المنتجات الزراعية السورية، وتدني مستوى التبادل التجاري الذي وصل إلى 150 مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري.
وقال أحد مصدري المنتجات الزراعية “جاسم حاج حمدان” من مدينة درعا، جنوب سوريا إن “الخسائر كبيرة جداً، فالمزارع تحمل أعباء موسم كامل من الري في مياه الينابيع الحلوة، أو من الآبار الارتوازية، في موازاة الوقت الذي استخدمه المزارع الذي استعان بالمياه الملوثة لري محاصيله، فضلاً عن أعباء ستزداد حدة مع زيادة نفقات التخزين وأعباء الشحن والتوقف على الحدود وإجراءات الفحوص وغيرها”.
وفي مناطق سيطرة النظام فإن العزوف عن تناول الخضار الطازجة مثل البقدونس والنعناع والملوخية والبقوليات الخضراء وغيرها، أدى إلى ندرة توافرها بالأسواق مع التشدد بمراقبة انتشارها، الأمر الذي استغله عدد من التجار لرفع أسعارها أضعافاً.
وتزداد الأوضاع الزراعية صعوبة بسبب قلة الأمطار وانخفاض منسوب نهر الفرات، وقد اتجه كثيرون من أصحاب الأراضي نحو زراعة محاصيل بعلية، وتركوا أراضيهم لتنبت أعشاباً استخدموها كعلف للماشية، بعدما كانوا يستغلونها لزراعة القطن والقمح والحبوب بمختلف أصنافها.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من تفشي المرض وانتشاره، وقالت الشهر الماضي، إن الوضع في المحافظات المتضررة يتطور على نحو خطير وبوتيرة مقلقة، وينتشر بمحافظات جديدة.