على الرغم من انقضاء ما يقارب الستة أعوام على تهجير أخر مقاتلي الثوار من محافظة حمص إلى الشمال السوري، إلا أن الحرفيين والتجار ما يزالوا يعانون من صعوبات بالغة بالعودة إلى محلاتهم الواقعة في أحد أشهر أسواق المدينة (سوق المقبي) أو ما يتعارف عليه بالسوق المسقوف.
وقال مراسل حلب اليوم في حمص إن السوق المسقوف كان بمثابة الشريان الرئيسي الذي يغذي محافظة حمص، وأريافها بالبضائع، والمنتجات اللازمة لكل الأسر، قبل أن تبدأ آلة الحرب التابعة لقوات النظام بتدميره بحجة استهداف المجموعات (الإرهابية) بحسب وصفها.
إعلام النظام يضلل الوقائع:
حاولت وسائل الإعلام التابعة للنظام الترويج لعودة التجار، وأصحاب المهن للسوق، وممارسة أعمالهم كسابق عهدههم، لكن ما يحدث على الأرض مغاير تماماً لتلك المعطيات، حيث أجرت ’’حلب اليوم‘‘ جولة في أسواق البازرباشي، وسوق النوري، وسوق النسوان، وسوق العطارين، وسوق القيسارية، وسوق العبي والتي تُشكل مجتمعة (السوق المقبي) الذي حصل على اسمه نظراً لقباب التي تعلو سقفه المغطى بالحديد، تبين خلالها أن ما تمّ ترميمه هو جزء بسيط من حجم السوق الكامل.
وأجرى مراسل حلب اليوم حوارات مع عدد من أصحاب المحلات تبين من خلالها وجود عقبات أمام التجار الراغبين بالعودة لترميم، وفتح محلاتهم مجدداً.
أهم الشروط للحصول على طلب لا مانع بالعودة للتجار:
سمير.ق أحد تجار سوق العبي قال إن من أهم الشروط التي يجب توفرها لدى أصحاب المحلات قبل حصولهم على موافقة (لا مانع بالعودة) من قبل فرعي المخابرات المسؤولان عن منطقة السوق تتمثل بعدم ارتباطهم مع أي شخص من المطلوبين لأفرع الأمن بالدرجة الأولى، ومن ثم يجب إثبات مكان إقامتهم خلال أعوام الحرب في مناطق كانت تخضع لسيطرة النظام.
وفي ذات السياق تحدث أبو علي رجل في العقد السادس من العمر عن رغبته الملحّة في العودة لممارسة أعماله في دكانه المتواضع في سوق (البازرباشي) لكن وبسبب خروج أحد أبنائه نحو شمال سوريا فإن المسألة معقدة لأبعد الحدود.
واستطرد قائلا: في كل يوم آتي إلى السوق الذي أمضيت فيه أجمل أعوام حياتي، أتذكر الأصدقاء، والزبائن وجميع العادات التي كنا نمارسها سوية، لن نتمكن من نسيانها بسهولة على الرغم من انقضاء الحرب.
تغيرت ملامح السوق ولم يعد بمقدور الأهالي شراء البضائع:
بدوره قال محمد.ش تاجر ألبسة نجح بالحصول على موافقة أمنية مكّنته من إعادة تجارته إلى السوق إن العمل في هذه المرحلة يختلف تماماً عن الماضي، ولدرجة أخال نفسي وافداً جديداً لهذا المكان الذي تغيرت ملامحه على الرغم من محاولات الترميم والإصلاح.
وأضاف قائلاً: حركة البيع ليست بالمستوى المطلوب نظراً لتراجع الوضع المعيشي للناس بشكل عام، الأمر الذي يشكل لديهم هاجساً بالدخول إلى المحلات خوفاً من الأسعار، ما دفعنا لعرض بضائعنا على الأرصفة للقرب من الزبائن بشكل أكبر، ولأنه من المتعارف عليه بأن أسعار البسطات أقل ثمناً من أسعار المحلات التجارية.
مئة محل فقط من أصل 890 عادت للعمل في سوق المقبي:
وتجدر الإشارة إلى أن السوق المسقوف كان يضم نحو 890 محلاً تجارياً بحسب إحصاء المديرية العامة للأثار والمتاحف قبل اندلاع الثورة السورية، بينما لا يتخطى عدد المحلات في المرحلة الحالية الـ 100 محل فقط، حيث تبين أن ما تمّ ترميمه من السوق المسقوف هو فقط شارع الصاغة وسوق النسوان بينما ينتظر باقي أصحاب المحلات التجارية في الأسواق الأخرى الموافقات الأمنية ليتمكنوا على اثرها من العودة لممارسة أعمالهم بشكل طبيعي.

