شهدت مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي في الأيام القليلة الماضية، خلافات وتوتراً كبيراً، بين مديرية الأمن العام التي كان يرأسها أحمد زيدان الملقب بـ”أبو عمر حجي حريتان” الذي منح رتبة عميد، وبين ضباط أتراك، على خلفية اعتقال مديرية الأمن لعدد من الضباط السوريين في قضايا مختلفة منها الدعارة وتعاطي المخدرات والاتجار بها.
وبحسب مصدر مقرب من زيدان فإن مسؤولاً تركياً في المنطقة مارس ضغوطاً على مديرية الأمن العام لإطلاق سراح المعتقلين لديها، لكن مديرية الأمن العام رفضت الضغوطات الممارسة عليها.
وبعد أيام قليلة أعلن أحمد زيدان استقالته مع مجموعة من عناصر مديرية الأمن العام معللاً استقالته بـ “درء الفتنة”.
تسريبات واعترافات:
وفي تفاصيل ما حدث خلال الشهر الماضي، حصلت حلب اليوم على وثائق مسربة من مصدر مطلع على القضية تضمنت الوثائق اعترافات المدعو (م،س) يعمل في مديرية أمن عفرين حول تورط عسكريين سوريين وأتراك في جرائم دعارة وتورط عسكريين سوريين في جرائم تعاطي مخدرات والاتجار بها، دون أن تتمكن حلب اليوم من التأكد من صحتها من مصدر داخل مديرية الأمن العام.
وورد في إفادة المدعو (م،س) أنه قام بتعذيب إحدى المعتقلات لدى قسم مكافحة المخدرات في عفرين بعد قيامها بإعلام زوجها -وهو مطلوب للفرع- أنها موجودة في فرع مكافحة المخدرات رغم أنها كانت تعاني من نزيف في منطقة السرة بحسب ما جاء في الإفادة، ويعود سبب النزيف بحسب إفادة الموقوفة ذاتها، إلى ضربها المبرح بسياط و”سيخ حديد” من قبل أحد العناصر في القسم، نقلت إثر ذلك للمشفى مرات عدة، ما أدى لإجهاض جنينها.
وبعد عدة أيام قام أحد عناصر الفرع بالاعتداء الجنسي على الموقوفة وقال (م،س) في إفادته إنه “لم يستطع السيطرة على شهوته فقام بالاقتراب منها ومداعبتها دون ممارسة الجنس معها”، كما أقر بممارسة الجنس مرات عدة مع فتاة تدعى (س) داخل سيارته على طريق عفرين – إعزاز.
وفي تفاصيل الإفادة ورد على لسان المدعو (م،س) أن عناصر من قسم مكافحة المخدرات قاموا بمداهمة معمل لتصنيع المخدرات في عفرين -وهو معمل تصنيع منظفات- وعثروا على ثلاث ماكينات للتصنيع وثلاث ماكينات للتغليف وآلات أخرى مخصصة لصنع المخدرات، وقاموا بسرقة كمية من المواد معدة لتصنيع حبوب المخدرات بهدف بيعها كما ورد في الإفادة.
كما قال المدعو (م،س) إنه على صلة مع المدعو (ع،خ) الذي يُحضر فتيات لعسكريين أتراك، من أجل ممارسة الجنس.
وذكر أيضاً أنه أبلغ أحد المسؤولين الأتراك بقضية الفتيات والعسكريين الأتراك، فقام المسؤول بمداهمة أحد منازل الدعارة، لكنه كان فارغاً.
وبحسب ما جاء في إفادة (م،س) فإنه وبرفقة عدد من العناصر قاموا بسرقة مبالغ مالية من الموقوفين لدى قسم مكافحة المخدرات في عفرين، تقدر بـ 550 دولار أمريكي بالإضافة إلى 100 ليرة تركية، وطوق ذهب، فضلاً كمية من مادة الحشيش المخدرة.
اعتصام المجلس المحلي:
ذكر مصدر مُطلع أن الخلافات تفاقمت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد قضية اعتصام المدنيين أمام المجلس المحلي في مدينة إعزاز، بعد أن طلب المجلس من المديرية فض الاعتصام بالقوة، الأمر الذي قوبل بالرفض من المديرية وفقاً للمصدر.
وتعود أسباب الاعتصام الذي جاء بعد مظاهرات عدة، إلى اتهام أعضاء في المجلس بالفساد وتبعيتهم بشكل مباشر إلى ضباط أتراك فاسدين، حسب ما أفاد ناشطون.
وفي تفاصيل الحادثة، تداول ناشطون تسجيلاً صوتياً قيل إنه لشخص يعمل في المجلس المحلي السابق في مدينة إعزاز -ولم تستطع حلب اليوم التأكد من صحة التسجيل- يتوعد فيه المتظاهرين والمحتجين أمام المجلس، بالرد المناسب قائلاً “ليصير الدم للركب إن شاء الله”، الأمر الذي ربطه ناشطون بالسيارة المفخخة التي انفجرت أمام خيمة الاعتصام بعد يوم واحد فقط من تاريخ التسجيل حسب ما ذكر ناشطون.
وفي تسجيل آخر تداوله ناشطون قيل إنه لرئيس المجلس المحلي توعد فيه المتظاهرين بفض الاعتصام بالقوة.
فيما يتخوف ناشطون من داخل خيم الاعتصام من قيام مديرية الأمن العام بفض الاعتصام بالقوة بعد استقالة أحمد زيدان.
وحاولت حلب اليوم التواصل مع المدير السابق لمديرية الأمن العام في اعزاز لكنه رفض التعليق على الموضوع.
ردود أفعال:
واستنكر مجلس ثوار الباب في بيان له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ما حدث في مدينة إعزاز، منوّهاً أن “مجموعة مسيئة من الجيش التركي استقدمت رتلاً عسكرياً مدجج بالمدرعات وبدون أي إذن أو مسوغ قانوني أو شرعي وقيامهم بتطويق مبنى مديرية أمن أعزاز بقصد اعتقال قائد الشرطة فيها العميد احمد زيدان”.
وأضاف المجلس في بيانه، أنه تم إقالة أحمد زيدان من منصبه “بناءً على إرادة فردية من ضابط تركي فاسد يدعى علي” داعياً السلطات التركية لـ “معالجة الأمر بالصورة الصحيحة وإرساء الاستقرار بالمنطقة وإبعاد نار الفتنة عنها”.
وكانت رئاسة الأركان التركية أوقفت ثلاثة جنود أتراك العام الماضي بعد انتشار فيديو يظهر اعتداءهم على سوريين حاولوا العبور من سوريا إلى تركيا بطريقة غير شرعية، الأمر الذي يدفع للتفاؤل بأن تقوم السلطات التركية بمحاسبة من تثبت إدانته على ما يقول ناشطون سوريون.