كاتيا الشوفي – حلب اليوم
الخامس والعشرون من شهر تموز عام 2018 لم يكن يوماً عادياً في محافظة السويداء جنوب سوريا، حيث لم يتوقع أهالي المحافظة أن يستغل البعض حبهم للضيوف، ليحول فجر ذلك اليوم لمذبحة …لقد كانوا عناصر تنظيم الدولة
“حوالي الساعة الرابعة والنصف، قرعت أبواب البيوت في قريتنا الواقعة شرقي السويداء، وكعادة أهالي تلك القرى، هرعوا لفتح أبوابهم ظناً منهم أن الطارق ضيف بحاجة لمكان يبيت فيه، أو يريد طلب مساعدة” وفقا لما قال (حسام. م) أحد الناجين من تلك المجزرة.
وأضاف في حديث (لحلب اليوم): “لم يخطر على بال أحد أن فتح باب المنزل يحمل معه الموت، وسكاكين غدر استقرت في صدور النائمين من المدنيين العزل، حيث قتل من قتل وقاوم البقية إلى حين وصول الشبان والشيوخ (الفزعة) من بقية المناطق”.
وتابع: “ارتقى يومها ما يزيد على 250 مدنياً وجرح المئات، وأقفلت بعض البيوت بسبب موت جميع ساكنيها في ظل غياب كامل لجيش النظام، الذي انسحب من بادية السويداء قبل المجزرة بأيام، بحجة الحملة العسكرية على محافظة درعا”.
“وبعد هجوع الرصاص استفاق الأهالي على حقيقة أنهم وحيدون في الدفاع عن أرضهم، فالنظام الذي جاء بعناصر تنظيم الدولة من مناطق مختلفة جنوب العاصمة دمشق، وزرعهم شرقي بلدات السويداء، انسحب وسحب السلاح من المنطقة، ليترك الأبواب مشرعة أمام عناصره للتسلل وارتكاب المجازر” وفقاً لكمال شرف، وهو محام من السويداء.
وقال (شرف): “انعكست أحداث ذلك اليوم على كافة النواحي الحياتية في المحافظة، كما هدمت الصرح الأخير للثقة التي يكنها البعض للنظام وأجهزته الأمنية، فما كان من الأهالي إلا أن أقبلوا على شراء السلاح والذخائر، في الوقت الذي كان يسعى فيه الروس، حلفاء النظام، للضغط من أجل سحب السلاح من التشكيلات الموجودة في المنطقة”.
وأردف في حديث لحلب اليوم: “لم تقتصر ردود فعل الأهالي على شراء السلاح فقط، بل توجهت الفصائل المحلية لتقطيع أوصال السويداء وريفها، بينما اقتصر وجود أمن النظام على الأبنية التي يمكثون فيها بالأفرع المنتشرة، ولم يجرؤوا على الخروج منها”.
وأكمل: “عمد الأهالي في قرى الشبكي والمتونة ومدينة شهبا على طرد مسؤولي النظام من مواقف العزاء بالضحايا، ولم يتوان أهالي الشبكي أكثر القرى المتضررة، والتي خسرت أكثر من 70 مدنياً وثلاثين مختطفاً من النساء والأطفال عن إطلاق النار فوق رأس المحافظ إبراهيم العشي متسائلين (ولادنا إلي حمت..انتو وينكن)؟!”.
وعن تأثير المجزرة على الجانب العسكري أكد عماد حمزة، وهو ناشط من السويداء، لحلب اليوم، أن أحداث تموز أدت لخلق تكتلات عسكرية جديدة حيث عمد الكثير من الشباب، إلى الالتفاف حول بعضهم، وتشكيل مجموعات لا تتبع لأي جهة، بغية الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم”.
وتابع حمزة: “عززت الأحداث من ثقة الأهالي بأنفسهم، حيث أثبتت لهم أنهم قادرون على الدفاع عن السويداء دون حاجة للنظام، فعلى الرغم من سوء التنسيق والفوضى التي انتشرت عقب التفجيرات التي طالت المدينة، والاعتداءات المسلحة على الريف الشرقي، إلا أن الأيام القليلة الماضي بدأت تشهد نوعاً من الاستقرار، وعودة الحياة لشوارع وأسواق المحافظة، لكن هذه المرة بحذر من النظام قبل التنظيم”، حسب تعبيره.
وأشار المصدر إلى أن “كافة القرى تشهد دوريات للشباب من أبنائها طيلة الليل، كنوع من حراسة المدنيين، وتحقيق الأمن الذاتي دون التعويل على أحد، وللتصدي لأي اختراق من شأنه أن يؤثر على أمن الأهالي”.
وأما سلام، وهي شابة من إحدى القرى التي طالتها المجازر قالت: “كلما حاولت النوم تراودني صور الذين رحلوا، وأتذكر أننا لم نقترف ذنباً إلا أننا فتحنا أبوابنا للطارقين، وتتراءى لي صور المخطوفين نساء وأطفالاً، فأعجز عن النوم.. فمن المؤكد أننا لن ننسى ما حدث”.