أعلنت الحكومة السورية عن بدء مرحلة اقتصادية جديدة تشمل إصدار الليرة الجديدة، حيث يُعتبر هذا الإجراء خطوةً رمزية وتقنية تهدف إلى تسهيل التعاملات المالية اليومية.
وتتمحور العملية حول مبدأ إعادة التسمية النقدية، حيث سيتم حذف صفرين من الفئات القديمة. وبذلك، تصبح كل مئة ليرة سورية قديمة معادلةً لليرة سورية جديدة واحدة، والهدف المُعلن هو تخفيف التعقيد في المعاملات الناجم عن صغر قيمة الفئات المتداولة حالياً، وتعزيز مكانة العملة الوطنية.
ومن المقرر أن تبدأ عملية التبادل في مطلع السنة الميلادية القادمة، على أن تستمر لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد، حيث ستكون المرحلة الأولى مخصصة لاستبدال الفئات النقدية الكبيرة، وخلال هذه الفترة، ستتعايش العملتان القديمة والجديدة معاً وستتمتعان بنفس القوة القانونية للإبراء، وستُجرى عملية الاستبدال داخل سوريا حصريًا عبر آلاف الفروع المعتمدة للمصارف، وبدون أي رسوم على المواطنين.
ولم تحدد الحكومة السورية أي إجراءات بشأن الليرة التركية الموجودة في الشمال الغربي، حيث يعتبر حجم الأموال التركية في المنطقة كبيرا، وهو ما يثير التساؤل حول ما إذا كانت ستبقى متداولة في المنطقة ولو بشكل محدود أم سوف تلغى تماما؟.
يقول المحلل الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي، لـ”حلب اليوم“: من الطبيعي أن تخرج الليرة التركية عند توفر بديل حقيقي، والآلية التي سيتم الاستبدال بها تتعلق بالجانب التركي، وسحب هذه العملة من الشمال السوري؛ لأن الموضوع يتعلق أيضاً بالكتلة النقدية الموجودة في الشمال من الليرة التركية ودخولها إلى الجانب التركي والاقتصاد التركي. لذلك فإن التنسيق بين الجانبين هو الأساس، ويكون بين التجار والدولة السورية والتركية.
وحول الترتيبات رأى أن طرح العملة الجديدة في السوق بالشمال السوري لا يحتاج لإجراءات خاصة تختلف عن باقي المناطق السورية، فالعملية ستكون تدريجية، وبالتعاون بين الجانبين.
ورجح قضيماتي أن تبقى التعاملات بالليرة التركية لفترة زمنية إلى أن يتم اعتماد الليرة السورية بشكل كامل. فهناك تجار ما زالوا يجلبون البضائع من تركيا إلى سوريا، وخاصة في المناطق الحدودية. وهذا يعني أننا نحتاج إلى زمن لأن الناس لم تصل إلى أيديهم الليرة السورية. والعملة الجديدة تحتاج أيضاً إلى زمن للوصول إلى الشمال حتى يتم تداولها على نطاق واسع. فهذا يعتمد على ضخ العملة السورية، ويعتمد على الفترة الزمنية لخروج العملة التركية من سوريا.
كما لفت إلى وجود احتياطي في البنوك وشركات الصرافة شمال سوريا، حيث تحوي الليرة التركية التابعة لدولة إقليمية قريبة حدودياً وليست بعيدة. فمن الطبيعي أن يكون هناك تعامل في الأراضي السورية بالليرة التركية، ولكن ليس بالشكل الموجود الآن.
ويأتي هذا الإجراء في ظل ظروف اقتصادية صعبة، حيث فقدت الليرة السورية قيمتها بشكل كبير على مدى السنوات الماضية، وقد تراجعت قيمتها مقابل العملات الأجنبية الرئيسية بنسبة هائلة، مما يجبر المواطنين على التعامل بأرقام كبيرة جداً لأبسط المشتريات، ولا يزال سعر الصرف الفعلي في السوق غير الرسمية عند مستويات مرتفعة للغاية.
ولضمان سلاسة الانتقال، أصدر المصرف المركزي تعليمات تنص على تحويل جميع الحسابات المصرفية والإلكترونية تلقائياً إلى العملة الجديدة مع بداية السنة، كما سيُطلب من جميع المنشآت التجارية عرض الأسعار بالعملتين معاً خلال الفترة الانتقالية لضمان الشفافية، ويجب أن تُحرر جميع العقود الجديدة بالليرة الجديدة مع توضيح ذلك.
ويؤكد المسؤولون أن هذه الخطوة هي عملية فنية بحتة وليست حلاً شاملاً للمشاكل الاقتصادية الهيكلية مثل التضخم المرتفع، وقد وُصفت بأنها “جراحة دقيقة” تتطلب إدارة حذرة لمنع أي اضطراب أو مضاربة في السوق قد تؤثر سلباً على الثقة وسعر الصرف، لذلك، فإن النجاح الحقيقي لهذا الإجراء سيعتمد في المدى المتوسط والبعيد على سياسات اقتصادية أوسع واستقرار شامل.






