بمنع شامل للدراجات النارية وفتح استثنائي للسيارات العالقة أحدثت اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير تحولاً في سياسة ضبط استيراد المركبات، حيث صدر عنها قراران متزامنان الأول يحظر إدخال كافة أنواع الدراجات النارية الجديدة والمستعملة إلى الأراضي السورية اعتباراً من مطلع نيسان القادم بينما يفتح الثاني نافذة زمنية محددة لمعالجة أوضاع السيارات الموجودة فعلياً في المنافذ والموانئ.
واستند حظر الدراجات النارية إلى مقتضيات المصلحة العامة وأحكام الإعلان الدستوري والمرسوم التشريعي المنظم لعمل اللجنة مع التأكيد على هدف تحقيق السلامة العامة وتنظيم حركة دخول وسائل النقل وقد استثنى القرار الدراجات التي دخلت البلاد وأكملت إجراءاتها القانونية قبل تاريخ نفاذ الحظر وعهدت اللجنة للإدارة العامة للجمارك مهمة تنفيذ القرار ومنع الاختراق عبر كافة المنافذ.
ويثير ذلك القرار التساؤلات حول الأضرار والنتائج السلبية التي قد تلحق بالسوريين، في بلد تعتمد نسبة كبيرة من سكانه على الدراجات النارية، مع ضعف القدرة المالية وغياب البدائل والحلول.
وقال المحلل الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي، لـ”حلب اليوم“: “فيما يتعلق بحياة المواطن السوري، نعم هناك اعتماد كبير وخاصة في الأرياف بل وأجزاء من المدن على الدراجات النارية.. أما المنع فقد جاء للاستيراد وليس للاستخدام، فلذلك فإن القرار لا يمكن أن نعتبره مجحفًا بحق المواطنين، وإنما هي عملية تنظيم”.
ولكن عملية التنظيم هذه – يضيف قضيماتي “يجب أن تكون من خلال أدوات أخرى أو بطريقة أخرى، لأن الأسعار سترتفع وهو ما يؤثر سلبًا على المواطنين، فيجب أن يكون هناك تنظيم أكبر للعملية وليس إيقاف الاستيراد الذي سيرفع أسعار الدراجات النارية”.
ويمنح القرار الاستثنائي الخاص بالسيارات مهلة ثلاثين يوماً لمعالجة أوضاع السيارات العالقة في المنافذ الحدودية والموانئ والمناطق الحرة والتي لم تنسق على المنصة الإلكترونية شرط أن تكون موجودة قبل تاريخ صدور القرار وأن تكون أوراقها سليمة وليست محل قضايا تهريب أو أحكام قضائية ويهدف القرار إلى تنظيف المنافذ وضبط الإجراءات الجمركية وتحصيل المستحقات.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى تلك الإجراءات باعتبارها خطوة إيجابية، لكنه يرى أنها تحتاج للوضع في سياق مختلف مراعاة لأوضاع السوريين.
وذكر أن “التنظيم يمكن أن يكون بشكل تدريجي عبر تحديد تواريخ معينة للتصنيع للدراجات النارية وأماكن الاستخدام وأوقات الاستخدام.. هذا كله يتعلق بالتنظيم، أما إيقاف الاستيراد فسيؤدي إلى تخبط في السوق، وليس إلى التنظيم، والأمر نفسه بالنسبة للسيارات”.
ومضى بالقول: “المشكلة أنه عندما تم التحرير، فُتح باب الاستيراد على مصراعيه، فتم جلب الكثير من السيارات والدراجات النارية المختلفة، وهذا شكل كمية كبيرة من الخردة في سوريا، ويمكن أن نشهد في الفترة القادمة مكبات كبيرة لنفايات الدراجات النارية والسيارات بعد أن يكتشف المواطن السوري أن نسبة من الآليات التي تم إدخالها من قبل التجار غير صالحة للاستهلاك على المدى الطويل.. برأيي، كان يجب أن يكون القرار بطريقة أخرى.. بشكل تنظيمي أكبر مع تحديد مواصفات معينة للمركبات والدراجات”.
ولفت إلى أن البنية التحتية غير جاهزة لاستيعاب هذا العدد الكبير والضخم من الدراجات النارية والسيارات بفترة قصيرة، “فالمطلوب تطوير البنية التحتية مع إعادة التنظيم الذي سيكون مجديًا أكثر بكثير من قرار الإيقاف أو حتى قرار السماح للسيارات بسنوات معينة”.
ويأتي هذا التحرك في سياق سياسة متدرجة بدأت سابقاً بوقف استيراد السيارات المستعملة مع استثناءات محددة مما يشير إلى توجه عام نحو تشديد الرقابة على سوق المركبات المستوردة وتحقيق أهداف تتعلق بالسلامة والتنظيم وزيادة الإيرادات مع تقديم حلول عملية للواقع القائم في المنافذ الحدودية.






