أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، حرص بلاده على تحقيق الاستقرار بالمنطقة، والتوصل لاتفاق أمني مع الاحتلال الإسرائيلي، مستبعدا الوصول للتطبيع.
وقال الشيباني في مقابلة مع شبكة CNN، جرت في مقر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، ونشرتها أمس الأحد، إن “سوريا قوية وموحدة ستكون مفيدة للأمن الإقليمي، وهذا سيفيد إسرائيل”، مضيفا أن “الشعب السوري صُدم بالهجمات الإسرائيلية، لا سيما وأن ميليشيات إيران أو حزب الله، جميعها غادرت مع سقوط النظام البائد”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد أن الاتفاق لا يزال ممكنا مع سوريا، بالتوازي مع نفي المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا توماس براك لما أوردته وكالة رويترز حول تعثر المفاوضات الأمنية بين الجانبين.
لكن الشيباني نفى في الوقت نفسه، إمكانية التوصل لتطبيع مع الاحتلال في الوقت الحالي، في تأكيد على ما قاله الرئيس السوري أحمد الشرع، منذ أكثر من أسبوع.
وقال حسام نجار، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، لحلب اليوم، إن الاحتلال الإسرائيلي يحاول فرض شروط وطلبات صعبة، في المفاوضات الجارية مع الحكومة السورية، بهدف رفع سقف التفاوض وتحصيل ما أمكن، لكن ذلك لا يعني أن الاتفاق الأمني مستبعد، ولا يعني أيضا أن الدولة السورية راغبة في التطبيع.
وقال الوزير، ردًا على سؤال حول إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد العمليات العسكرية التي قامت بها حنوب سوريا، “إن الحديث عن التطبيع واتفاقيات إبراهيم أمرٌ صعب بعض الشيء.. نحن لا نشكل تهديدًا لأحد في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، لكن هذه السياسات الجديدة للتعاون والسلام قوبلت بهذه التهديدات والضربات”.
وأضاف نجار أن الاحتلال يطالب بامتيازات أمنية واستخباراتية وعسكرية تشمل ممرًا جويًا دائمًا، وسيطرة عسكرية لمسافة 15 كم داخل الأراضي السورية، وكذلك سيطرة استخباراتية لمسافة 60 كم، والسيطرة على جبل حرمون، معتبرا أن الحكومة لن توافق على هذه الشروط.
كما نوّه بأن العودة إلى اتفاق عام 1974 لا تتضمن الاعتراف باحتلال إسرائيل للجولان، أو التنازل عن الأراضي السورية، أو إقامة علاقات طبيعية، فهذا الاتفاق الذي تطمح إليه الحكومة السورية وفق ما أعلنه عدد من المسؤولين محدد بأطر معينة، وليس من ضمنها التخلي عن قطعة أرض صغيرة لإسرائيل التي تزيد التوغلات في محاولة لإجبار دمشق على القبول بالأمر الواقع بالقوة.
ولا تقف انتهاكات الاحتلال عند التوغلات البرية والضربات الجوية، حيث أشار الشيباني إلى “دعم الخارجين عن القانون – في السويداء – وهذا عرقل وأعاق الحكومة السورية عن حل المشكلة بين البدو والدروز”، و”ما فعلته إسرائيل زاد الأمور تعقيدًا وجعل الدروز في وضع صعب ومحرج للغاية”.
وشدّد على أن “الدولة السورية ملتزمة بالسلم الأهلي والمحاسبة، وشكلت لجنتين لتقصي الحقائق في أحداث الساحل والسويداء، وسمحت للجنة الأمم المتحدة بالتقصي والتحقيق في ما جرى”.
وأكد أن السياسة السورية واضحة، و”نعلنها بشكل مستمر، نحن لا نشكل تهديداً لأحد في المنطقة، لكن هذه الرسائل الإيجابية التي أصدرناها، والتي تعبر عن وجه سوريا الجديد، وجه السلام والتعاون، قوبلت بهذه التهديدات والاعتداءات”.
ومما يجعل الحديث عن مسألة التطبيع صعبا هو كون “سوريا مهددة من قبل إسرائيل، وهناك الجولان المحتل، ومناطق أخرى احتلت بعد الثامن من ديسمبر الماضي.. يجب أن يعود الوضع على ما كان عليه قبل الثامن من ديسمبر، وتهدئة الأوضاع، وإرسال رسائل إيجابية للشعب السوري، تطمئنه من هذه الممارسات الإسرائيلية، وبعدها يمكننا الحديث عن مستقبل المنطقة”.
موقف واشنطن مغاير لإسرائيل
في المقابلة مع CNN، قال الشيباني إن الشعب السوري رحّب بتحركات الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن البلاد، ووصف موقفها بأنه موقف إيجابي للغاية، حيث “لاقى دعمًا كبيرًا من الشعب السوري، بما في ذلك رفع العقوبات”.
وأشار وزير الخارجية إلى أن “سبب وجود هذه العقوبات في سوريا زال، وبالتالي يجب أن تزال كل هذه العقوبات، وألا تخضع للتفاوض، كما تحاول بعض الشخصيات السياسية أو الأحزاب أن تفعل وتفاوض الشعب السوري على حريته وكرامته وتخفيف معاناته”.
كما أكد أن بعض العقوبات ما تزال موجودة، كقانون قيصر، وقانون اعتبار سوريا دولة راعية للإرهاب، والذي وُضع عام 1979، و”الشعب السوري ليس له علاقة بالقرارين”، معربا عن أمله برفعها.
وأشار إلى أن خارطة الطريق التي تم إطلاقها، بمشاركة الولايات المتحدة والأردن لحل ملف السويداء، نالت تأييداً محلياً ودولياً بشكل كبير جداً، معتبرا أن الخارطة “عبرت عن تطلعات أهلنا الدروز في السويداء، ونحن ملتزمون بمعالجة كل المشاكل بالسبل الوطنية التي تحقق السلم الأهلي، ولا تخدم المصالح الخارجية”.