تناول تقرير نشره موقع “المجلس الأطلسي” الأميركي جهود تركيا لإعادة بناء علاقاتها الاقتصادية مع سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، مشيرا إلى أن التجارة تجاوزت مستويات ما قبل الحرب.
وقال التقرير، نقلا عن قاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة، إن الصادرات التركية إلى سوريا كانت قبل عام 2011 تبلغ 1.7 مليار دولار في ذروتها، فيما لا تزال أنقرة تسعى لاستخدام هذا التكامل الاقتصادي – المدعوم بتمويل خليجي وأوروبي – لتعزيز جهود إعادة الإعمار وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين.
كما نقل التقرير عن “مرصد التعقيد الاقتصادي” أن تركيا نجحت في إعادة بناء حضورها التجاري لتصل الصادرات إلى أكثر من ملياري دولار في 2023، كما تنظر لدعم سوريا بما يجعلها جسرا اقتصاديا للعالم العربي بدلا من كونها عبئا عليه.
وكانت العلاقات السياسية والاقتصادية بين أنقرة ودمشق في ذروتها عام 2010، إذ سمح اتفاق تاريخي للمواطنين من البلدين بالعبور دون تأشيرة باستخدام بطاقات الهوية الوطنية، ولكن التجارة انهارت بين الجانبين قبل أن تعيد أنقرة إحياءها تدريجيا.
وأضاف التقرير أن سقوط نظام الأسد أتاح فرصة لأنقرة لتعزيز العلاقات مع سوريا إلى مستويات غير مسبوقة وخاصة في مجال إعادة الإعمار، إذ تتمتع الشركات التركية بموقع تنافسي على مستوى عالمي، في حين تعاني سوريا من نقص حاد في رأس المال، بحسب ما نقله موقع الجزيرة نت عن “المجلس الأطلسي”.
ومما يشير إلى وجود توسع اقتصادي بالأرقام أن الموقع ذكر قرارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الأخيرة برفع العقوبات عن سوريا، حيث وفّرت لأنقرة فرصة لتوسيع نفوذها الاقتصادي بسرعة في سوريا، ويتجلى هذا التوسع في زيادة حجم التجارة الثنائية، والمشاريع الإستراتيجية لإعادة الإعمار، والمشاريع المشتركة الواسعة النطاق مع شركاء قطريين وأميركيين.
وقد بلغت التجارة الثنائية بين سوريا وتركيا 1.9 مليار دولار خلال أول 7 شهور من 2025، مقارنة بـ2.6 مليار دولار لعام 2024 بأكمله، كما ارتفعت الصادرات التركية بنسبة 54% لتصل 2.2 مليار دولار، في وقت بلغت فيه الواردات السورية 437 مليون دولار.
وبحسب التقرير فإن البضائع التركية تسيطر حاليا على الأسواق السورية لكونها أقل سعرا بنسبة 30-40%.
وكانت تركيا وشركاؤها العرب الإقليميون قد تعهدوا بتخصيص 14 مليار دولار لتطوير البنية التحتية في سوريا، مع التركيز بشكل خاص على قطاعي الطاقة والنقل، كما بدأت في تشغيل خط أنابيب كيليس/حلب لنقل الغاز الأذربيجاني إلى سوريا، وتعهدت بتزويد سوريا بـ900 ميغاوات من الكهرباء بحلول 2026.
وفي الوقت نفسه، وقعت مجموعة تقودها قطر وتضم شركات تركية صفقة بقيمة 4 مليارات دولار لإعادة بناء مطار دمشق الدولي، كما أنشأت تركيا وسوريا في أغسطس/آب الماضي اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، وأبرمتا مذكرات تفاهم في مجالات الاستثمار والإدارة بما يشير إلى تعاون طويل الأمد في مجالات التجارة والاستثمار.
وشدّد الرئيس السوري أحمد الشرع خلال اجتماع مشترك بدمشق على الأهمية الإستراتيجية لطريق التجارة والإمداد بين تركيا وسوريا والأردن، مؤكدا أن هذا الطريق يعيد إحياء التدفق التجاري من الجنوب إلى الشمال بعد انقطاع طويل، مع ما يحمله من فرصة لتحويل سوريا إلى مركز عبور حيوي للبضائع.
وتسعى شركات تركية كبرى -مثل “كاليون” و”جنكيز” و”تاف للمطارات القابضة”- للاستفادة من سوق إعادة الإعمار الذي تقدر قيمته بـ400 مليار دولار، كما تخطط شركة “دنيز بنك” المصرفية لتوسيع عملياتها، وتدرس شركة “صن إكسبرس” فرص الاستثمار في قطاع الطيران.
وأوضح التقرير أن التحالف التركي القطري كان محوريا في جهود إعادة الإعمار، ودخل اتفاق التجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ في بداية الشهر الماضي، مما يعزز المشاريع المشتركة بينهما في سوريا.
وذكر أن التعاون التركي الأميركي يتركز على الطاقة والأمن، حيث قدمت واشنطن الخبرة التقنية والدعم السياسي، وأكدت مجموعة العمل المشتركة أهمية استقرار الاقتصاد السوري كجزء من نهجها الشامل لتقليل الأعباء المباشرة على الولايات المتحدة.
وتم في أيار/مايو 2025 توقيع صفقة تاريخية لتوليد الطاقة بقيمة 7 مليارات دولار مع “يو سي سي” القطرية وشركة “باور إنترناشيونال” الأميركية والشركتين التركيتين “كاليون” و”جينكيز”، طبقا للتقرير.
وتشمل الصفقة أربع محطات غاز مركبة بإجمالي قدرة 4 آلاف ميغاوات، ومشروعا للطاقة الشمسية بقدرة ألف ميغاوات، ومن المتوقع أن يلبي المشروع أكثر من نصف احتياجات سوريا من الكهرباء.