سلطت صحيفة واشنطن بوست الأميركية الضوء على موجة الجفاف التي تصيب سوريا والمنطقة، ومخاطرها المحيطة بالأمن الغذائي المهدد أصلا بسبب سياسات النظام البائد.
وقال تقرير للصحيفة، إن موجة الجفاف الحالية هي الأقسى منذ عقود، حيث تجف الأنهار والبحيرات، وتذبل المحاصيل الزراعية، لأن معدلات هطول الأمطار في تراجع مستمر.
ونقلت عن المزارع منصور محمود الخطيب أنه لم يكن يستطيع خلال الحرب الوصول إلى مزرعته في ضاحية السيدة زينب بدمشق، لأن ميليشيا حزب الله كانوا تغلق الطرق، ورغم أن تلك المشكلة انتهت، إلا أن الجفاف دمر مزرعته وجفف الآبار التي كانت ترويها.
وبحسب التقرير فإن الدول المتضررة بحاجة لاتخاذ خطوات للتخفيف من الأثر السلبي للجفاف، مثل تعزيز تخزين مياه الأمطار، والانتقال إلى زراعات أكثر تحملا للجفاف، واستخدام أنظمة ري أكثر كفاءة.
وقال جلال الحمود، مسؤول الأمن الغذائي الوطني في منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في سوريا، إن المزارعين، الذين كانوا أصلا مرهقين ماليا بسبب الحرب الطويلة، ليس لديهم القدرة على مواجهة آثار الجفاف، فيما تعاني المدن الكبرى من انقطاعات في المياه تمتد لأيام.
وكان إنتاج سوريا من القمح قبل عام 2011 يتجاوز 4 ملايين طن سنويا ويغطي حاجة السكان، أما اليوم، فتشير تقديرات وزارة الزراعة إلى أن الحصاد لن يتجاوز مليون طن هذا العام، ما سيجبر الدولة على استيراد ما يصل إلى 70% من احتياجاتها.
من جانبه حذر سعيد إبراهيم، مدير التخطيط الزراعي والاقتصادي في وزارة الزراعة السورية، من أن الاعتماد الكامل على الواردات غير مستدام، مشيرا إلى أن نهر العاصي في إدلب جف لأول مرة، وظهرت الأسماك النافقة على مجراه، بينما تراجع منسوب المياه الجوفية أكثر من 10 أمتار خلال أشهر قليلة.
ويرى خبراء المناخ أن المنطقة بأسرها تواجه خطرا متزايدا مع استمرار التغير المناخي الذي يجعلها أكثر جفافا عاما بعد آخر، ويحذرون من أن غياب إجراءات عاجلة، مثل تخزين مياه الأمطار والتحول إلى محاصيل مقاومة للجفاف وتطوير أنظمة ري فعالة، قد يجعل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية غير صالحة للزراعة في العقود المقبلة.
ولفت مضر ديوب، المتحدث باسم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إلى أن محصول القمح هذا العام لن يكفي لأكثر من شهرين أو ثلاثة، وأن الحكومة تعتمد حاليا على توقيع عقود لاستيراد القمح من الخارج وعلى التبرعات، بما في ذلك من العراق المجاور.
ولا تقتصر الأزمة المائية على الداخل السوري، ففي لبنان تقلصت بحيرة القرعون إلى بركة صغيرة بعد شتاء جاف غير مسبوق، ما حرم سوريا من جزء من حصتها في المياه العابرة للحدود، بحسب ما نقله موقع الجزيرة نت عن الصحيفة.
ويشكّل سد نهر الليطاني في سهل البقاع اللبناني بحيرة القرعون، وهي خزان مائي يمتد على نحو 12 كيلومترا مربعا، وعادة ما يتدفق إلى البحيرة نحو 350 مليون متر مكعب من المياه في موسم الأمطار، وهو ما يغطي ثلث احتياجات لبنان السنوية، لكن هذا العام لم يتجاوز التدفق 45 مليون متر مكعب، بحسب التقرير.
وقد زادت أزمة المياه في لبنان من تفاقم الجفاف في سوريا، التي تعتمد جزئيا على الأنهار القادمة من جارها الغربي، وأكبرها نهر العاصي.