أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني، أن الروابط التي تريد الحكومة بناءها مع روسيا تتضمن مفهوم العدالة الانتقالية، ومحاسبة مجرمي النظام البائد، مشيرا في الوقت نفسه للتوازن المطلوب في العلاقات الدولية.
واستعرض في مقابلة خاصة مع قناة الإخبارية السورية، بُثت مساء اليوم السبت ملامح التحول الكبير الذي تشهده الدبلوماسية السورية في عهد الحكومة الجديدة، مؤكدًا أن سوريا تدخل مرحلة جديدة من الانفتاح والحوار بعد سنوات من العزلة والتأزم السياسي.
وأكد الشيباني أن التحول في الدبلوماسية السورية هو “تحول تاريخي” يهدف إلى تمثيل سوريا بشكل يليق بتضحيات شعبها وطموحاته، موضحًا أن وزارته تمكنت من “إيصال صوت الشعب السوري والتعبير عن تطلعاته في مختلف المحافل الدولية”.
وأضاف أن الحكومة تعمل على معالجة آثار السياسة الخارجية السابقة التي اتسمت بـ”الابتزاز والعزلة”، مشددًا على أن الدبلوماسية السورية الحالية باتت “منفتحة على الحوار والتعاون” وتعكس روح الثورة والمعاناة التي عاشها السوريون.
دبلوماسية اقتصادية
أوضح الشيباني أن العمل الدبلوماسي في المرحلة الراهنة يركز على معالجة آثار العقوبات الاقتصادية التي ما زالت تؤثر على التنمية في سوريا، مشيرًا إلى أن الدبلوماسية أصبحت “ركنًا أساسيًا في إعادة الإعمار وخط الدفاع الأول عن مصالح السوريين”.
وأشار إلى أن الحكومة تعمل على بناء علاقات إيجابية مع الدول التي تستضيف السوريين، بهدف تحسين أوضاعهم وضمان عودة كريمة للاجئين، وخاصة في لبنان، حيث أكد أن دمشق بدأت بالإجراءات العملية لمعالجة ملف المعتقلين واللاجئين السوريين هناك.
كما لفت إلى أن مشاركة سوريا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت “خطوة ضرورية ليسمع العالم رؤية الحكومة السورية الجديدة”، مؤكدًا أن خطاب الرئيس أحمد الشرع في الأمم المتحدة “اختصر الحكاية السورية وأظهرها للعالم بشكل واقعي وإنساني”.
وأضاف أن سوريا الجديدة تُذكر اليوم في المحافل الدولية كنموذج للتحول الإيجابي بعد الحرب، في إشارة إلى استعادة البلاد لمكانتها الدبلوماسية على الساحة الدولية وعودتها إلى عدد من المنظمات العربية والدولية.
العلاقات الإقليمية وتحديات المرحلة
في الشق الإقليمي، شدد الشيباني على رغبة دمشق في تصحيح العلاقة مع لبنان بعد أن “شوّه النظام السابق صورة سوريا هناك”، مؤكداً أن بلاده تسعى إلى بناء علاقة متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وفيما يخص العلاقة مع روسيا، أوضح الوزير أن موسكو كانت شريكة للنظام في بعض مراحل الصراع، وأن التحدي كان في كيفية “تحييدها عن دعمه خلال معركة ردع العدوان”، في إشارة إلى التغييرات الجذرية التي طرأت على طبيعة التحالفات السورية.
وشدد على أن التعامل مع روسيا كان فيه تدرج حيث لم تحصل أي اتفاقيات جديدة، مؤكدا أن الاتفاقيات بين روسيا والنظام البائد معلقة ولا تقبل بها الحكومة، وأن كل تحركاتها الدبلوماسية هادئة ومخطط لها ولا يوجد فيها أي تنازل عن حقوق السوريين.
وحول طلب تسليم بشار الأسد وضباطه الفارين، أكد الوزير الشيباني أنهم تحدثوا مع الروس بشأن ذلك، وأن “جميع المواضيع التي في بال السوريين تم الحديث عنها مع الجانب الروسي”.
قضية الشمال الشرقي ورفض التقسيم
تناول الوزير ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مشيراً إلى أن عدم انخراطها في مؤسسات الدولة يعمّق الانقسام، لكنه أكد وجود “فرصة تاريخية” لانضمامها إلى مشروع الدولة السورية الجديدة.
كما شدد على رفض الحكومة “أي شكل من أشكال التقسيم أو الفيدرالية”، واعتبر أن ممارسات الجانب الإسرائيلي تهدف إلى فرض واقع توسعي جديد في المنطقة، مؤكداً أن الدبلوماسية السورية تعمل على مواجهة هذه السياسات من خلال القنوات الدولية.
وفي ختام حديثه، عبّر الوزير الشيباني عن تفاؤله بمستقبل البلاد، قائلاً إن “ارتفاع سقف توقعات السوريين من الحكومة يعبر عن ثقتهم بها”، متعهداً بتحسين الواقع المعيشي وتنفيذ برامج تنموية ملموسة في المرحلة المقبلة، واعدا “بالعمل الدؤوب والكثير من الإنجازات”.