في خطوة توصف بأنها الأبرز منذ عقود في السياسة المالية السورية، كشف حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية عن حزمة مشاريع جديدة تهدف إلى تطوير المصرف المركزي ودعم العملة الوطنية، بالتوازي مع تعاون مباشر مع بعثات أمريكية ودولية لمواكبة عملية الإصلاح المالي.
وجاءت تصريحات حصرية خلال لقاء خاص مع قناة “الإخبارية السورية”، بعد عودته من زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ضمن وفد ضم وزير المالية محمد يسر برنية، حيث شاركا في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وعقدا أكثر من 60 اجتماعاً مع جهات مالية ومؤسسات مصرفية دولية.
إعادة الارتباط بالنظام المالي العالمي
قال حصرية إن الاجتماعات شملت لقاءات مع مؤسسات اقتصادية كبرى، منها وزارة الخزانة الأمريكية، الاحتياطي الفيدرالي، وشركات مثل “فيزا”، “ماستر كارد”، و“سيتي بنك”، في خطوة وصفها بأنها “تاريخية” لإعادة إدماج سوريا في النظام المالي العالمي بعد سنوات من العزلة والعقوبات.
وأضاف أن الاجتماعات أظهرت اهتماماً غير مسبوق بإعادة إعمار سوريا، مشيراً إلى أن الدعم المعلن “لم تشهده أي دولة خرجت من حرب خلال الخمسة والعشرين عاماً الماضية”.
وفي هذا السياق، التقى حاكم المصرف بالرئيس التنفيذي لمجموعة “فيزا” للأسواق العالمية أوليفر جينكن، حيث تم بحث إمكانية دخول خدمات الدفع الإلكتروني إلى السوق السورية، في إطار خطة تطوير أنظمة الدفع وتحديث البنية التحتية المصرفية.
مساعدات فنية وتنظيم العملات الرقمية
أوضح حصرية أن الاتفاقيات الجديدة تشمل تقديم مساعدات فنية شاملة لتطوير آليات العمل في المصرف المركزي، وتنظيم سوق العملات الرقمية في سوريا لأول مرة، معتبراً ذلك “تطوراً مهماً يفتح الباب أمام تحديث شامل في السياسة النقدية”.
وأشار إلى أن بعثة فنية متخصصة بأنظمة الدفع ستزور دمشق منتصف تشرين الثاني المقبل، لدراسة الأنظمة الحالية وتقديم حلول تقنية متقدمة، على أن تتبعها بعثات تدريبية لتأهيل الكوادر السورية.
وفي ملف التحويلات المالية، أكد حصرية أن أحد الأهداف الرئيسية للزيارة إلى واشنطن هو تفعيل الحساب السوري لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وهي خطوة وصفها بأنها “حاسمة لفتح قنوات جديدة أمام المصارف المراسلة” وتسهيل التحويلات البنكية، خصوصاً للمغتربين السوريين.
كما شدد على أن تسهيل التحويلات الخارجية يتطلب التزاماً كاملاً بمعايير مكافحة غسل الأموال، مشيراً إلى أن هناك جهوداً حثيثة لربط المصارف السورية مباشرة بالمصارف الأجنبية والعربية لتجاوز شبكات الوساطة التي تستغل العقوبات.
انضمام سوريا إلى نظام التحويلات العربية
في خطوة لافتة، أعلن حصرية أن سوريا انضمت إلى نظام التحويلات بين الدول العربية التابع لصندوق النقد العربي، ما يُتوقع أن يخفض كلفة التحويلات ويقلل من تأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد المحلي.
وأوضح أن التعاون مع المصارف العربية، مثل المصرف السعودي، أثمر عن فتح التحويلات بالريال السوري، في إشارة إلى توسع هامش التعاملات المالية الإقليمية بعيداً عن القيود المفروضة على الدولار.
وتظهر تصريحات حاكم المصرف المركزي ملامح تحول اقتصادي جذري في القطاع المالي، إذ تسعى الحكومة إلى تحرير الاقتصاد من قيود العقوبات وإعادة الاندماج في النظام المالي الدولي، وفقا لعدة مسؤولين.