حكمت محكمة فرانكفورت الإقليمية العليا في ألمانيا على الطبيب السوري، علاء موسى بالسجن المؤبد، لتورطه بجرائم تعذيب وقتل بحق السوريين.
وجاء هذا الحكم بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من “الإجراءات الإثباتية المكثَّفة”، حيث أدين موسى بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بين عامي 2011 و2012، كما مارس التعذيب والاعتداء الجنسي، وفي حالتين، قتل معتقلين في مستشفى عسكري في حمص وفي سجن للمخابرات العسكرية، وفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ويمثل هذا نهاية أوسع محاكمة حتى الآن في ألمانيا تتناول جرائم نظام الأسد في سوريا، وذلك بحسب تقرير الشبكة التي نقلت عن أحد المدعين المشتركين، ممثلا بالمحامي الشريك في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، رينيه باهنس، إن “هذا الحكم يبعث الأمل في إمكانية تحقيق العدالة، ليس لي وحدي، بل لجميع الناجين”.
وكاو قد أُلقي القبض على علاء في حزيران/ يونيو 2020، للاشتباه القوي بارتكابه جرائم ضد الإنسانية، بصفته طبيبا وعضوا في جهاز ا في عنف جنسي وتعذيب وقتل مدنيين في عدة منشآت، بما في ذلك مستشفى المزة العسكري رقم 601 سيئ السمعة، المعروف باسم “المسلخ البشري”، حيث التُقطت صور ما يُسمى بـ “قيصر”، والمستشفى العسكري رقم 608، وسجن القسم 261 التابع لمديرية المخابرات العسكرية في حمص.
واستمعت المحكمة لأكثر من 50 شاهدا وعدد كبير من الخبراء، على مدار 186 يوما، وقد قدمت شهاداتهم صورة شاملة عن دور المستشفيات العسكرية في نظام التعذيب الذي كان يطبقه النظام البائد، فضلا عن الهجوم الممنهج على السكان المدنيين والقمع العنيف للاحتجاجات في حمص، وخاصةً في حي بابا عمرو.
تجري حاليا تحقيقات إضافية في جرائم ضد الإنسانية في سوريا، أحدها يتعلق بالقمع العنيف لمظاهرة سلمية مناهضة لنظام الأسد، وسوء معاملة المدنيين المتكرر على يد ميليشيا محلية في حي اليرموك الفلسطيني في دمشق، إضافةً إلى ذلك، أُلقي القبض على شخص يُشتبه بانتمائه إلى فرع الخطيب في أيار/ مايو 2025.
وقال باتريك كروكر، كبير المستشارين القانونيين في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان: “يُظهر الحكم الصادر ضد علاء أنَّ الإجراءات القائمة على مبدأ الولاية القضائية العالمية أصبحت الآن جزءاً لا يتجزأ من السوابق القضائية في ألمانيا، ويُمثل هذا الحكم خطوة مهمة في مكافحة الإفلات من العقاب، ويوجه رسالة واضحة إلى مرتكبي الجرائم في نظام الأسد. آمل أن تُشكل هذه الأحكام أساسا في سوريا نفسها لتقديم المسؤولين الرئيسين عن إحدى أبشع الجرائم في عصرنا إلى العدالة، وإلى ذلك الحين، تُسهم هذه الأحكام في سد ثغرة جوهرية في عملية العدالة الجنائية، وتُمثل جزءاً لا غنى عنه من الجهود الدولية لتحقيق العدالة”.
وكانت الإجراءات القائمة على مبدأ الولاية القضائية العالمية، مثل هذه القضية، السبيل الوحيد للمتضررين من جرائم نظام الأسد للسعي إلى العدالة، وتؤكد الشبكة السورية أن سقوط نظام الأسد يفتح الباب أمام إمكانية لم تكن واردة من قبل، وهي أن يتمكن السوريون أنفسهم مستقبلا من المطالبة بالعدالة في بلدهم، كما وصفت هذا الحكم بأنه “علامة فارقة في تاريخ سوريا، إذ يفصل ماضٍ مثقل بالدماء والظلم عن مستقبلٍ يبشر بمزيد من العدالة والإنصاف”.
وقالت صحيفة “فرانكفورتر ألجماينه” الألمانية، إن المحكمة وجدت أن ذنب المتهم خطير للغاية، وأمرت بحبسه احتياطيًا، ونقلت عن رئيس المحكمة، القاضي كريستوف كولر، خلال النطق بالحكم، قوله إن “الجرائم التي أدين بها علاء موسى أسفرت عن إصابة تسعة أشخاص بجروح بدنية ونفسية خطيرة، ومقتل اثنين”.
وكانت أولى جلسات المحاكمة قد بدأت، في 19 من كانون الأول 2022، أمام محكمة فرانكفورت الإقليمية العليا غربي ألمانيا.