عاد ملف قوات قسد ومساعي الحلول السياسية التي تنتهجها الحكومة السورية إلى الواجهة، مع الهجوم الأخير الذي شنّته تلك القوات ضد الجيش السوري، قرب سد تشرين شرقي حلب.
وقد تسلّل عناصر من قسد إلى نقطة عسكرية في السد ليلة الأحد – الاثنين الماضية، واستهدفوا نقطتين تابعتين للفرقة 72، قرب تلة سيرتيل، قبل أن ترسل وزارة الدفاع تعزيزات وتعيد الوضع إلى ما كانت عليه.
ولم يكن ذلك الهجوم مفاجئًا، حيث أن المنطقة تشهدت مناوشات واشتباكات بين الحين والآخر، بالرغم من توقيع قوات قسد على اتفاق مع الحكومة السورية، بهدف حل كافة الملفات سلميًا.
وحول مدى إمكانية تحقيق ذلك عبر الاتفاق المذكور، قال الكاتب والمحلل السياسي السوري عبد العزيز تَمّو، لموقع حلب اليوم، إنه يستبعد هذا الأمر، معتبرًا أن اتفاق الرئيس أحمد الشرع مع قائد ميليشيات قسد مظلوم عبدي، كان “هشًّا وجاء بشكل عاجل بناء على مطالب خارجية”.
ووقّع الطرفان اتفاقًا يوم الاثنين الموافق لـ10 آذار 2025، تضمن بنودًا منها: وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، ودمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.
كما شملت ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من الدولة السورية، ودعمها في مكافحتها فلول الأسد وكافة التهديدات لأمنها ووحدتها، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري.
لكن تَمّو يرى البنود المذكورة في الاتفاق “غير واضحة”، مضيفًا أن لديه “تحفظات على التوقيع حيث أن مقام الرئاسة السورية أكبر بكثير من قائد فصيل عسكري خارج عن سلطة الدولة ولا يُعتَبر ندًّا للرئيس.. هذا أمر غير دستوري إطلاقًا”.
واعتبر أن “مماطلة هذه الميليشيات في تنفيذ الاتفاق وتسليم السلاح للدولة والاندماج بشكل فردي هو نتاج تلك الاتفاقية، فالمعروف عن ميليشيات حزب العمال الكردستاني مراهنتها على كسب المزيد من الوقت واللعب على المتغيرات التي تحصل مستقبلًا وأيضًا من المهم النظر إلى تمكن ميليشيات YPG و PYD من ضم جميع أحزاب المجلس الوطني الكردي تحت عبائتها وجناحها من خلال مؤتمر القامشلي وهذا كان الخطأ التاريخي للمجلس الوطني الكردي”.
ويرى الكاتب الكردي السوري أن “الاتفاق بين الحكومة السورية وميليشيات قسد هو اتفاق أمني عسكري ولا يمكن تسميته بالاتفاق السياسي.. ربما يُنفذ بشكل سلمي ويلتزم قادة قسد بتنفيذه سلميًّا لكنه ليس اتفاقًا سياسيًّا، لأن قسد هي ميليشيات عسكرية؛ YPG و YPJ و PYD هي فروع لحزب العمال الكردستاني التركي ولا تمثل كرد سوريا”.
ومضى بالقول إن “السوريين الكرد هم جزء أصيل من المجتمع السوري والحل السياسي لقضيتهم مرتبط جذريا مع حقوق جميع السوريين بالمواطنة المتساوية بالحقوق والواجبات واحترام الحقوق الثقافية واللغوية لجميع أطياف الشعب السوري، يكفلها الدستور الدائم للبلاد”.
يأتي ذلك فيما تطوّر الحكومة السورية من علاقاتها الخارجية، وكانت خطوتها الأخيرة بالتطبيع مع الولايات المتحدة من أبرز تلك التحركات، حيث يرتبط الأمر بموضع قسد التي تعتمد على الحماية الأمريكية.
وحول ذلك يرى تمّو أن “موقف قسد من التطبيع الأمريكي مع القيادة السورية هو موقف سلبي لأنها كانت محمية بغطاء عسكري أمريكي والتطبيع الأمريكي مع الدولة السورية الجديدة رفع هذا الغطاء عنها.. ومع ذلك؛ قرائتنا ومعرفتنا بطريقة عمل هذه الميليشيات تؤكد أنها لن تتنازل عن جمهورية أوجلان التي أنشأتها في الجزيرة السورية وخاصة بعد حل حزب العمال الكردستاني نفسه في تركيا وعودة عشرات الآلاف من المقاتلين في ذلك الحزب من جبال قنديل إلى سوريا وهم من الجنسية السورية”.
ولا يرى الكاتب السوري في حل الحزب خطوة إيجابية، بل يعتبر أن ذلك “سوف يعطي تلك الميليشيات قوة بأن تتمسك بشكل كبير بالمكتسبات التي حققتها على حساب الشعب السوري، وستذهب إلى خيار الحرب وتدويل معركتها”.
ويختزل تمّو رؤيته باستحالة حل ملف قسد سياسيًّا، فهو “ملف أمني عسكري.. ربما يمكن حله سلمياً وليس سياسيًّا”، مضيفًا أن “كرد سوريا لديهم نخبهم السياسية والاجتماعية وهي المخولة فقط للحل السياسي”.
وكان مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان قد دعا أمس الأول، إلى إجراء “تحول كبير” في العلاقة مع تركيا، بعد عشرة أيام على إعلان الحزب حل كيانه المسلح وتسليم سلاحه.