شهدت تجارة الخضار والفواكه في سوريا انتعاشا مع انخفاض واضح في الأسعار، عقب سقوط الأسد، حدث تعتبر من القطاعات الحيوية والمهمة في الاقتصاد الوطني، وتمثل جزءاً كبيراً من الإنتاج الزراعي المحلي.
وفيما يساهم الإنتاج المحلي بشكل كبير في توفير احتياجات السوق، يتم تصدير بعض الأنواع إلى الخارج، كما تعتمد السوق المحلية على الاستيراد بشكل كبير أيضا، لكن عودة حركة التبادل التجاري بين المدن والبلدات السورية، كان له دور بارز في تزويد الأسواق بتلك المنتجات.
وتتمتع سوريا بتنوع كبير في المناخات، مما يتيح إنتاج مجموعة واسعة من الخضار والفواكه، مثل التفاح، البرتقال، العنب، الرمان، والعديد من الحمضيات والفواكه الاستوائية، كما تتم زراعة أنواع متعددة من الخضار مثل البطاطا، البندورة، الفلفل، الكوسا، والباذنجان، وهو ما يساهم في تأمين احتياجات السوق من هذه السلع الأساسية.
يقول أبو هاشم تاجر الخضار في معرتمصرين شمال إدلب، لحلب اليوم، إن السوق المحلية اعتمدت على الاستيراد من تركيا وعبرها إلى حد كبير على مدى السنوات الماضية، بسبب حصار المنطقة من قبل قوات الأسد وعدم كفاية الإنتاج المحلي.
واليوم بدأ الوضع يتغير نحو الأفضل، لكن الاعتماد على الخضار والفواكه المستوردة لم يتوقف بطبيعة الحال، مع وجود تغيرات في أصناف معينة، مثل الحمضيات التي أصبحت تأتي من الساحل السوري غربي البلاد، بدلا من استيرادها، وفقا لأبي هاشم.
وأوضح التاجر أن فتح الطرق وتدفق تلك الحمضيات أسهم في خفض أسعارها في مناطق الشمال الغربي، كما أدى زوال حواجز الفرقة الرابعة إلى وصول العديد من البضائع الموجودة في الشمال، إلى عموم البلاد بما فيها المستوردة وبأسعار أقل كلفة.
وأضاف أن هناك أملا لدى التجار في حركة سوق جيدة، خلال موسم الصيف المقبل، حيث من المرتقب عودة الحركة الداخلية للبضائع بين المدن والقرى السورية، بعد فتح كافة الطرق.
ويرجح التاجر أن يؤدي حل ملف قوات قسد، في مناطق شمال شرقي البلاد، إلى نقلة نوعية أخرى، نظرا لوجود أراض خصبة واسعة هناك، ومنتجات هامة.
ويمثل انتعاش التجارة الداخلية أهمية كبيرة للاقتصاد بشكل عام، ولسوق الخضار والفواكه بشكل خاص، حيث تنتقل في سوريا من خلال أسواق الجملة والتجزئة المنتشرة في المدن الرئيسية والبلدات، وتشتهر أسواق مثل سوق الهال في دمشق وحلب بكثرة الحركة التجارية فيها، حيث تشهد منافسة حادة بين التجار من أجل بيع المنتجات الزراعية بأفضل الأسعار، وهو ما ينعكس لصالح المستهلك.
وتوجد أيضا أسواق محلية (أسواق هال) أصغر في كل محافظة، حيث يتم بيع الخضار والفواكه للمستهلكين مباشرة، وقد أثرت التغيرات العسكرية في الميدان على الوضع التجاري بشكل مباشر، حيث انتعشت الأسواق المحلية القريبة من الحدود شمال إدلب وحلب بشكل كبير، فيما تراجعت أدوار أسواق كانت أكثر أهمية، وتوقفت بعضها بشكل كامل.
وترتبط السوق بالظروف الأمنية، وقد تأثرت سلبا في السابق بالحملات العسكرية التي كانت مستمرة على بعض المناطق الثائرة، ما انعكس بدوره على الإنتاج الزراعي والتجارة، فضلا عن تعرض الأراضي الزراعية والبنية التحتية للدمار، والارتفاع الكبير في أسعار المواد الأولية مثل الأسمدة والمبيدات الزراعية، ونقص المياه.
وتبرز الحاجة إلى التصدير هذه الأيام، حيث يعتبر من أهم المصادر المساعدة للاقتصاد السوري، وعلى الرغم من التحديات، إلا أن سوريا لا تزال قادرة على أن تصدر العديد من المنتجات الزراعية إلى دول الجوار والتي أبدت استعدادا للتعاون.
وتأتي الحمضيات، خاصة البرتقال، في مقدمة الصادرات السورية من المنتجات الزراعية، وتحظى بسمعة جيدة في الأسواق العربية والدولية، بسبب طعمها المتميز وجودتها.
لكن تطوير قطاع تجارة الخضار والفواكه، والوصول إلى التصدير، يحتاج إلى تحسين طرق الإنتاج، وتطوير البنية التحتية، ودعم التجار والمزارعين، وتأمين المياه، في سبيل الوصول إلى تعزيز الصادرات عبر فتح أسواق خارجية جديدة.
وبدأ الحديث عن تحسن الحركة الاقتصادية في سوريا فور سقوط الأسد المخلوع، وهو ما أحيا آمالًا كبيرة للشعب السوري الذي عانى سنوات طويلة من الأزمات المصحوبة بارتفاع معدلات الفقر.
ويأمل السوريون اليوم في أن يكون التغيير السياسي نقطة انطلاق التعافي الاقتصادي والتنمية والازدهار.