يعود ملف النفط السوري إلى واجهة النقاش بعد تحرير سوريا كأحد أهم الموارد الاقتصادية التي يمكن أن تسهم في إعادة إعمار البلاد وتحسين الوضع الاقتصادي للسوريين، حيث يعتبر النفط ثروة وموردًا استراتيجيًا لأي دولة تمتلكه، على اعتباره يلعب دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير احتياجات الطاقة.
تهيئة آبار النفط.. الخطوة الأولى نحو التعافي
تضررت البنية التحتية لقطاع النفط السوري بشكل كبير خلال سنوات الحرب، وباتت إعادة تأهيل هذا القطاع ضرورة ملحة لتحقيق التعافي الاقتصادي.
وفي هذا السياق يتحدث الباحث في العلاقات الدولية “حسن الشاغل” لقناة حلب اليوم عن إعادة إعمار سوريا قائلاً: إنها تتطلب التركيز على إعادة تهيئة آبار النفط وإنتاجه مجدداً، مشيراً إلى أن هذه العملية تعتمد بشكل كبير على دخول شركات دولية متخصصة ورفع العقوبات المفروضة على البلاد، مضيفاً أن دور آبار النفط في إعادة الإعمار سيبرز بوضوح خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث يتطلب الأمر تجهيز البنية التحتية وإعادة تأهيلها.
وأشار الشاغل إلى أن البنية التحتية لحقول النفط في سوريا متدهورة بشكل كبير نتيجة لاستخدام الأساليب التقليدية من قبل قوات قسد وسابقاً تنظيم الدولة، مما أدى إلى تراجع كفاءة هذه الآبار، وأضاف أن هناك حاجة ملحّة لعمليات تنظيف متخصصة تُجرى عادةً بواسطة شركات دولية تمتلك تقنيات حديثة لإزالة الإشعاعات النووية التي ترافق عمليات إنتاج النفط،
وبيّن أن آخر عملية تنظيف جرت في سوريا كانت في عام 2009، وهو ما يزيد من صعوبة إعادة الإنتاج في الوقت الحالي.
فرص كبيرة لاستثمار النفط ودعم خزينة الدولة
أوضح “حسن الشاغل” أن الإنتاج النفطي السوري يُعدّ متدنياً مقارنة بالدول العربية الأخرى كالعراق والسعودية، حيث وصل الحد الأقصى لإنتاج النفط السوري سابقاً إلى 450 ألف برميل يومياً، ومع ذلك، أكد أن هناك فرصاً كبيرة لاستثمار الشركات الأجنبية في الحقول القابلة للإنتاج، خاصة على مدى 3 إلى 5 سنوات، ما سيوفر أرباحاً تعود إلى الخزينة السورية.
وتوقع الشاغل أن تلعب شركة” شل” دوراً بارزاً في إعادة تأهيل قطاع النفط السوري، مشيراً إلى أنها كانت آخر شركة أجنبية انسحبت من سوريا قبل سنوات، مما يعزز احتمالية عودتها للاستثمار.
ومع استعادة السيطرة على المناطق الغنية بالنفط، تبرز الحاجة إلى إدارة هذه الثروة بفعالية وشفافية، لضمان استفادة جميع السوريين منها، ويبقى التحدي الأكبر هو تأمين بيئة مستقرة وآمنة لجذب الاستثمارات وإعادة إعمار قطاع النفط، ليكون رافعة حقيقية لتعافي سوريا اقتصادياً وسياسياً.
ويذكر أنه قبل اندلاع الثورة السورية في عام 2011، كانت سوريا تُعد من الدول المنتجة للنفط بقدرات إنتاجية متواضعة مقارنة بالدول الكبرى، وتركزت أبرز حقول النفط في مناطق مختلفة من البلاد، مما جعلها محط اهتمام اقتصادي واستراتيجي.
ففي محافظة دير الزور، شرق البلاد، يبرز حقل العمر كأكبر وأشهر حقول النفط السورية، حيث يقع بالقرب من الحدود مع العراق وإلى جانبه، يُعد حقل التنك من الحقول الرئيسية في المنطقة، ويتمركز في البادية السورية، حيث لعب دوراً مهماً في دعم إنتاج النفط المحلي
أما في شمال شرق سوريا، وتحديداً في محافظة الحسكة، تتميز حقول الرميلان بوجود عدد كبير من الآبار النفطية والغازية، ما جعلها من أكثر المناطق إنتاجاً للنفط وأيضا يُعتبر حقل الجبسة من الحقول المهمة، حيث كان إنتاجه يجمع بين النفط والغاز، مما ساهم في تنويع مصادر الطاقة في البلاد.
وفي دير الزور أيضاً، يُعتبر حقل كونيكو من المواقع البارزة، ولكنه اشتهر بإنتاج الغاز الطبيعي الذي كان يُستخدم لدعم إنتاج النفط في بعض الأحيان، مما أضاف بُعداً آخر لأهميته الاقتصادية.
جودي يوسف