يكاد لا يمر يوم في مدينة حلب دون أن تشهد سرقة كابلات أرضية للشبكات الهاتفية المُمدّة داخل قساطل بلاستيكية، حيث يتم قطع هذه الكابلات في غرف التفتيش تحت الأرض باستخدام منشار، ومن ثم سحب ما يمكن سحبه منها بهدف حرقها واستخراج مادة النحاس لبيعها كخردة.
تتسبب هذه العمليات في أضرار كبيرة، أبرزها قطع آلاف خطوط الهاتف التي تُستخدم لتأمين الاتصالات الهاتفية وخدمة الإنترنت (DSL)، مما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة لشركة السورية للاتصالات، بالإضافة إلى فوات الربح.
إلى جانب ذلك، يؤدي شح مواد الصيانة اللازمة لإعادة تمديد كوابل بديلة وتوصيلها إلى تفاقم المشكلة، مما يتسبب في تأخير إصلاح الأعطال وانقطاع الخدمة عن المشتركين لفترات طويلة. كما تتطلب عملية الإصلاح جهداً إضافياً، وعمالة مكثفة، وزمناً طويلاً لإعادة التوصيل.
وأفادت مصادر خاصة لقناة حلب اليوم بأن عدد الكوابل المسروقة تجاوز 50 كبلًا، ما يعني انقطاع خدمة الاتصالات عن أكثر من 50 ألف مشترك.
تشمل المناطق التي تعاني من سرقة الكوابل وانقطاع الخدمة كلاً من: شارع النيل، الشهباء، كرم الجبل، الفيض، بستان الزهرة، المشارقة، بستان القصر، العزيزية، المدينة القديمة، باب النصر، مساكن السبيل، وغيرها من الأحياء والمناطق.
وقال المهندس عبو الحسو (مهندس سابق في اتصالات حلب) إن سرقة الكوابل ليست جديدة، فقد تكررت في الفترات الماضية قبل الثورة وأثناءها. إلا أن حجم السرقات هذه المرة كبير جداً، مما يثير الشكوك حول كونها عمليات ممنهجة تهدف إلى التخريب وتدمير البنية التحتية، خاصة في ظل الظروف الانتقالية الحالية التي تعاني من فجوات أمنية ونقص في عدد العناصر الشُرطية.
وأوضح الحسو أن هناك خدمات بديلة يمكن أن تُخفف من حدة المشكلة، مثل شبكة الخليوي (الأعلى كلفة)، وشبكات الواي فاي التي بدأت تنتشر في المدينة بشكل عشوائي ودون ضوابط تنظيمية. ومع ذلك، تظل خدمات السورية للاتصالات هي الأفضل والأكثر ملاءمة للمواطنين من حيث الكلفة.
ختاماً، لابد من تضافر جهود المواطنين والجهات المختصة للكشف عن السارقين. يجب على المواطنين الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه يتعلق بمحاولات السرقة، وعلى الجهات المختصة التجاوب السريع مع الشكاوى، بالإضافة إلى مراقبة محلات شراء خردة النحاس، وتتبع المتاجرين بها، بهدف القبض على المجرمين الذين يعبثون بالبنية التحتية ومعاقبتهم ليكونوا عبرة لغيرهم.