ينظر السوريون بإيجابية كبيرة لاستلام “الخوذ البيضاء”، لمرافق الدفاع المدني السوري التي كانت تديرها سلطة الأسد، بعد النجاح اللافت الذي حققته على مدى عقد كامل في الشمال السوري، بخلاف الفشل الذريع لمؤسسة النظام المخلوع.
ورغم الضغوط ومحدودية الإمكانات، استطاع الدفاع المدني إحداث فرق كبير في حياة المدنيين اليومية، شمال غربي البلاد، بما في ذلك إنقاذ الأرواح والاستجابة لحوادث القصف واستهداف التجمعات السكانية.
لكن الامتداد اليوم إلى عموم البلاد – باستثناء مناطق سيطرة قسد – مع ما تركه النظام السابق خلفه من فوضى على كافة الأصعدة، وتجهيزات متهالكة لا يصلح معظمها للعمل؛ تبدو المهمة اليوم أمام الخوذ البيضاء أكثر صعوبة مع ما تحمله من آمال وتطلعات.
يقول حميد قطيني، المتطوع في الدفاع المدني السوري، لحلب اليوم، إن الفريق أعلن مع بداية تغير خارطة السيطرة في سوريا الشهر الماضي توسعة أعماله لتغطي جميع المناطق التي يستطيع الوصول إليها في سوريا، وبدأ ذلك مع تحرير مدينة حلب، حيث توجهت الفرق إليها لتقديم الخدمات الطارئة للاستجابة للطوارئ، وأيضا لإنجاز عمليات إزالة مخلفات الحرب وعمليات الإسعاف والإطفاء والبحث والإنقاذ.
وقال فريق الدفاع المدني في بيان، الشهر الماضي، إنه مستعد للعمل في أي مكان يستطيع الوصول إليه في كامل التراب السوري، ومع تحرير مناطق جديدة توجهت الفرق باتجاه مدينة حماة وأرياف إدلب الجنوبية وأرياف حماة الشمالية، وأيضا توسعت بعد ذلك في مدن حمص ودمشق.
وأضاف قطيني أن سقوط نظام الأسد وانتصار الثورة السورية، أتاح لفرق الخوذ البيضاء في هذه الأيام التوسع لمحافظات جديدة، “نحن اليوم نعمل في مدينة إدلب وأريافها، وأيضا نعمل في محافظة حلب، وأريافها وحماة وحمص ودمشق وأيضا درعا وجبلة واللاذقية”.
وهناك أيضا خطط لتغطية كافة المحافظات السورية بفرق من الدفاع المدني السوري، وفقا لقطيني؛ سيكون هدفها تقديم الخدمات الأساسية والضرورية من الطوارئ والإنقاذ والإسعاف والإطفاء وأعمال إزالة مخلفات الحرب وأعمال استخراج الجثث وتحديد الهوية والبحث عن المقابر الجماعية.
كما ستقوم تلك الفرق بأعمال فتح الطرق وإزالة الأنقاض وغيرها من الأعمال المهمة جدا لتصحيح الواقع الإنساني الصعب في المحافظات السورية بشكل عام، وذلك نتيجة أكثر من 14 عاما من الحرب التي شنها النظام وروسيا وإيران على السوريين.
ولفت إلى حجم الدمار الكبير الموزع في المحافظات السورية، نتيجة القصف الممنهج الذي كان يتبعه النظام في سياسة تدمير المدن والبلدات والقرى، كما “ترك النظام البائد وروسيا ملايين من الألغام والذخائر غير المنفجرة في المناطق السورية والمزارع والأماكن التي كان يشغلها في الأحياء السكنية كمواقع عسكرية له أيضا في ثكناته العسكرية وفي الطرق”.
وتشكل هذه الألغام والمخلفات خطرا موقوتا طويل الأمد يهدد حياة السكان، بينما “تعمل فرق الدفاع المدني السوري بجهود كبيرة جدا على الحد من هذا الخطر ومسح المناطق الملوثة، وإزالة مخلفات الحرب لحماية المدنيين من خطر انفجارها الذي يهدد أيضا أعمالهم وأنشطتهم التجارية والتعليمية والزراعية”.
وتسعى الخوذ البيضاء “لتحقيق مستقبل أفضل لأهلنا السوريين، بعد الخلاص من نظام الأسد المجرم الذي كان يقتل الحياة وكل شيء يساعد عليها، لاكثر من 13 عاما”، وفقا لقطيني.
وتعاني الخوذ البيضاء اليوم من واقع غير مؤهل للعمل، حيث تحتاج تنظيم وفتح الطرق وإزالة العوائق المحتملة أمام التدخل السريع لعمليات الإنقاذ والإجلاء وإطفاء الحرائق، فضلا عن الحاجة لمعدات حديثة ومناسبة.
كما أن حالة الفوضى والفساد الإداري التي خلفها نظام الأسد، تحتاج لجهد إداري وتنظيمي لمعالجة الأوضاع السابقة، فيما تسعى الحكومة الجديدة في سوريا للاستفادة من الكوادر الموجودة.
واعتاد السوريون في مناطق سيطرة النظام المخلوع على تأخر وصول الدفاع المدني عند طلبه لفترة طويلة قد تمتد لساعات، مما يدفعهم للاعتماد على أنفسهم في عمليات الإخلاء والإنقاذ وإطفاء الحرائق وغير ذلك.
وكانت فرق الخوذ البيضاء قد أسعفت أمس، رجلا قرب مدينة دمشق، إثر حادث سير، كما عمل فريقها في مدينة جبلة بريف اللاذقية على تجميل وغسيل ساحة المول داخل المدينة، وأخمدت حريقا اندلع في حي مشروع الصليبة بمدينة اللاذقية، وحريقا مجهول السبب في أحد المرافق العامة في مدينة حمص، واستجابت فرقها لحالة إسعافية طارئة بنقل مريض مصابٍ بالسرطان، في مدينة اللاذقية إلى مشفى تشرين الجامعي، وشاركت مع طلاب جامعة حلب في مبادرة لتنظيف مرافق الجامعة وحدائقها.