ما إن باتت قوات الإدارة العسكرية على مشارف مدينة حمص وسط البلاد، حتى بدأت التحركات الواسعة جنوبيها، حيث أجرت قوات الأسد تحركات عسكرية كبيرة في العاصمة دمشق وما حولها، فيما بدأت الفصائل المحلية في درعا والسويداء بالتحرك.
وخلال ساعات حررت المجموعات المحلية عدة قرى وبلدات، لتصبح محافظة درعا محررة بشكل كامل في يوم واحد، كما تحركت المجموعات في السويداء بشكل سريع اضطر قوات الأسد للانسحاب من مركز المحافظة، وسط انشقاق لمئات العناصر ولجوءهم إلى الأهالي، وتتجه السويداء نحو التحرر الكامل.
وباتت سيطرة سلطة الأسد على العاصمة دمشق مهددة بشكل غير مسبوق، فيما تتواتر الأنباء عن انسحاب وشيك لإيران، وقد أكدت مصادر محلية مغادرة عوائل ومسلحين من الميليشيات العراقية لمحيط دمشق والسيدة زينب خوفا من الحصار.
وأطلقت فصائل درعا اسم “عملية كسر القيود” على تحركاتها الواسعة، وأعلن قياديون استعدادهم التام للتنسيق مع الإدارة العسكرية، فيما أعلنت حركة رجال الكرامة النفير العام لمقاتليها في كل أنحاء محافظة السويداء، وإنشاء غرفة عمليات عسكرية، ورحّب مشايخ العقل بالحراك الثوري الجاري في أنحاء البلاد.
وقال الكاتب الصحفي السوري، أيمن الشوفي من محافظة السويداء، لموقع حلب اليوم، إن “سوريا واحدة لكل السوريين والثورة السورية ضد النظام القائم هي ثورة كل السوريين، كانت تخبو ثم تتقد ثم تخبو ثم تتقد وكان آخر اتقاد لها في السويداء كما نعلم منذ عام وثلاثة أشهر”.
وأكد أن “الخطاب المنفتح على الآخر من قبل الإدارة العسكرية” شجع كافة المناطق السورية على التعاون لطرد قوات الأسد، معربا عن أمله في أن يبقى قائما، وأن تبقى الإدارة “منفتحة على النقاش والحوار مع باقي مكونات الشعب السوري، بما في ذلك التنسيق لأجل توسيع العمل العسكري وإشراك الجنوب السوري بما يمثل درعا والسويداء والقنيطرة من أجل طرد النظام”.
وأشار إلى أهمية “توسيع دائرة العمل العسكري وليس السياسي لأن هذا النظام لا يفهم لغة السياسة والتظاهر السلمي والعمل المدني”، كما أن “العمل السياسي يحتاج لقوة عسكرية”.
ومع انطلاق “عمليات التحرير في الشمال حدثت في السويداء مهاجمة لعدد من الأبنية الأمنية ليلا.. نأمل أن يكون هناك تنسيق واسع وأن تتواصل إدارة العمليات العسكرية مع فصائل السويداء من أجل توسيع هذا المشروع العسكري الرامي إلى التضييق على النظام وإخراجه من سوريا”.
وشدّد الشوفي على أهمية “الترفع عن اللغة الثأرية” فهو “من شيم العمل الثوري”، متمنيا أن “تتسع دائرة المناطق المحررة أكثر مما تتوسع حاليا وأن يصل الثوار إلى دمشق لطرد النظام وأجهزته الأمنية والقمعية، وبذلك تتلاقى كل المناطق في سوريا باللون الأخضر”.
وكانت الفصائل في درعا قد اضطرت لتوقيع اتفاقات مع سلطة الأسد بسبب تعرضها للحصار والتهديد بالقصف والاجتياح واستباحة دماء المدنيين، لكن تلك الاتفاقات انهارت تماما، فيما غادرت القوات الروسية التي لعبت دور الوسيط من المنطقة، إلا أن هناك أنباء عن بقاءها في نقاط حدودية في الجولان.
أعلنت فصائل في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، أمس الجمعة، تشكيل “غرفة عمليات الجنوب”، بما في ذلك “اللواء الثامن” الذي يتألف من عناصر كانت قد أجرت تسويات مع سلطة الأسد، مؤكدة ضمان أمن الحدود والمناطق الجنوبية، كما دعت المجتمع الدولي ليكون مع قرار الشعب السوري في نيل حريته وكرامته وبناء دولته المدنية.
وتؤكد مصادر محلية رغبة المجموعات في المناطق الشرقية بالتنسيق مع الإدارة أيضا، فيما انسحبت قوات الأسد من مناطق واسعة وسلّمتها لقوات قسد.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركيّة عن مصادرها أن إيران بدأت أمس الجمعة بسحب عسكريّيها وموظّفيها من سوريا، باتجاه لبنان والعراق.
وقال “مسؤولون إقليميّون وثلاثة مسؤولين إيرانيّين”، إن قادة الحرس الثوريّ الإيرانيّ في سوريا من بين المسحوبين، في إشارة لعدم مقدرة إيران على إبقاء بشار الأسد في الحكم في وجه تقدّم الثوّار حسبما أوردت الصحيفة، حيث شملت عمليات الإجلاء السفارة الإيرانيًة والقواعد العسكريّة للحرس الثوريّ الإيرانيّ، وتجري عمليّات الإخلاء هذه في طائرات يغادر بعضها لطهران في حين يغادر البعض الآخر عبر لبنان والعراق وميناء اللاذقية.
ونقلت الصحيفة عن مهدي رحماني أحد كبار المحلّلين الإيرانيّين والمستشارين الاستراتيجيّن للحكومة الإيرانيّة قوله: “لا نستطيع أن نساعد النظام في المهام القتاليّة إذا كان الجيش نفسه غير راغب في القتال.. لقد أدركت إيران أنّها غير قادرة على إنقاذ الموقف في سوريا بأيّة عمليّة عسكريّة لذا فهذا الخيار لم يعد مطروحاً”.
من جانبها نقلت الإذاعة الوطنية الأمريكية عن مسؤولين، ترجيحهم مغادرة القوات الروسية أيضا، حيث وردت تقارير عن خروج سفن من ميناء طرطوس، كانت قد حملت عتادا عسكريا من الساحل السوري.