مع سقوط الأسد وتحرّر السوريين وجدت دول الاتحاد الأوروبي ضالتها في حل مشكلة اللاجئين، حيث برزت مؤخرا الدعوات لترحيلهم لكنها كانت تصطدم بعقبات قانونية؛ أبرزها وجود سلطة الأسد وبالتالي بقاء أسباب التهجير.
ولا تزال تلك الدول متريثة في الشروع ببرامج العودة، لكنها تعرب عن تفاؤلها بإمكانية حدوث ذلك في مرحلة ما، بينما بدأت بعضها بإعطاء حوافز للراغبين بالعودة الطوعية.
وعلّقت عدة دول أوروبية النظر في طلبات اللجوء المقدمة إليها، في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا، لناحية تشكيل حكومة جديدة معترف بها دوليا، وتحقيق الاستقرار.
وقال مروان العش من اللجنة السورية للمعتقلين والمعتقلات DSC، لموقع حلب اليوم، إن السوريين مُنحوا خلال فترة حرب الأسد عليهم أفضلية قانونية في دول الاتحاد الأوروبي، لمعالجة ملفاتهم وقبول لجوئهم لأسباب إنسانية أولا، وواقع الهروب من الحرب وتبعاتها ثانيا، منذ عام ٢٠١٢ ولغاية سقوط النظام.
وأضاف العش الذي ينتمي للتيار الوطني الديموقراطي السوري، أن الأحزاب اليمينية والشعبوية في أوروبا تتصارع باستغلال قضية اللاجئين، خصوصا ممن لم يستطع الاندماج وتعلم اللغة والعمل، ومن عليه جرائم ومخالفات، لكسب أصوات الشارع في ألمانيا، وكل دول أوروبا الغربية التي استقبلت اللاجئين.
من جانبه ذكر عبد الرزاق صبيح الصحفي السوري المقيم بألمانيا، في إفادته لحلب اليوم، أن العديد من الدول الأوروبية علقت قبول تصريح الإقامة للسوريين، بمجرد سقوط الأسد؛ ومنها ألمانيا التي لديها ٤٦ ألف طلب لجوء بحسب إحصائيات دوائر الهجرة، كما فعلت ذلك النمسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وبريطانيا.
وأضاف أن اللاجئين السوريين تلقوا خبر سقوط نظام الأسد بفرحة كبيرة جداً، وخرجوا في اليوم التالي من فراره بالآلاف إلى ساحات معظم مدن العواصم الأوروبية، مثل العاصمة الألمانية “برلين” وغيرها.
وأوضح العش أن هناك فرصة الآن لعودة آلاف العائلات في حال استقرت الأوضاع في سوريا، ولكن الجميع في حالة ترقب وانتظار قادم الأيام، حيث ستتم متابعة إيقاف حقهم بالإقامة، أما من وصل لأوروبا ولم يحصل على السماح بالإقامة للآن، فسوف يتوقف منحهم حق الإقامة لانتهاء أسباب لجوئهم بسقوط النظام وسقوط الخوف من ملاحقتهم أمنيا أو لخدمة العلم، أما اللاجئون لأسباب اقتصادية فإن من يعمل منهم بشكل نظامي فله كل الحقوق طالما أنه يعمل ويدفع الضرائب ويحترم القانون.
وأكد أن الترحيل قادم لكل سوري لا يعمل ولو كانت لديه إقامة الآن فستُعرقل إقامته مستقبلاً، حيث أن وصول أحزاب يمينية إلى البرلمانات في ألمانيا وأوروبا سيسرع بصعوبات لكل لاجئ من أي جنسية، لأن برامجهم تتضمن وقف اللجوء تحت شعار “أوروبا للأوربيين”.
أما عن حاجتهم لليد العاملة، فإنهم يتعاقدون مع حملة شهادات وأصحاب مهن ومهارات، وليس مع عمال عاديين بدون مؤهلات، وهذا سيكون لكل الجنسيات وليس للسوريين فقط، وفقا للعش.
بدوره لفت صبيح إلى أن المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، أكد أن الشروط لم تتحقق بعد للعودة الآمنة للسوريين، كما أن المستشار الألماني أولاف شولتس، اعتبر خبر سقوط نظام الأسد مفرحا، أما فيما يتعلق باللاجئين السوريين فقد قال إن الأوضاع غير مستقرة بعد في سوريا، ونصح السوريين بالتريّث بالعودة، موضحا أنه بالنسبة لمن لا يرغب بالعودة فلا مشكلة لديه في ألمانيا.
وحذّر رئيس جمعية المستشفيات في ألمانيا “غيرالد غاس” هذا الأسبوع من تداعيات عودة الأطباء السوريين “الذين أدّوا دورا أساسيا في صون الرعاية الصحية، لا سيما في مستشفيات المدن الصغيرة”، حيث يزاول حوالي 5758 سوريا الطب في ألمانيا، بحسب مجلة “دير شبيغل” التي استندت إلى بيانات الجمعية الطبية الألمانية.
وأكد صبيح وجود حالة ترقب وحذر ومتابعة لما يجري في سوريا، تعيشها مئات آلاف العائلات السورية في دول اللجوء بأوروبا، ويمكن أن نشهد عودة اللاجئين الذين لم يحصلوا على الإقامة بعد، وممن لم تمكنهم ظروف الحياة من الاندماج وتحصيل عمل مناسب، بينما يتحفّظ قسم كبير من باقي اللاجئين على العودة إلى سوريا، حيث أن معظم العائلات حصل أفرادها على الجنسية الأوروبية، وتعيش حالة استقرار، وحصل أبناؤها على فرص تعليم في أرقى الجامعات، بالإضافة إلى أن قسما كبيرا من أفراد العائلات ولا سيما صغار السن لا يتحدثون اللغة العربية، ويتحدثون اللغتين الألمانية والإنكليزية فقط.
واستبعد الصحفي السوري عودة السوريين بأعداد كبيرة في هذه المرحلة، حيث يبقى الجميع في انتظار شكل الحكومة القادمة ومدى التزامها بتطبيق القوانين واحترام حقوق الإنسان وتحسين الظروف الاقتصادية، واستقلال البلاد عن حكم العسكر، كما أن هناك أمورا كثيرة بحاجة إلى تطبيقها على الأرض، ويمكن أن تشكل حافزاً لعودة اللاجئين.
وكانت السلطات الدنماركية قد أعلنت تقديم مبلغ مالي قدره نحو 27 ألف يورو لكل لاجئ سوري بالغ يقرر العودة طواعية إلى سوريا بعد سقوط الأسد، فيما يحصل الأطفال على نحو 6700 يورو.