في مشهد غير مسبوق، خرج الشعب السوري في جمعة النصر، أول جمعة بعد سقوط نظام الأسد، للاحتفال بنهاية عقود من الظلم والاستبداد، اجتمع السوريون في الساحات والشوارع دون خوف، حاملين الأعلام ومرددين شعارات الحرية، في أجواء مفعمة بالأمل والفرح.
هذه الجمعة تمثل لحظة تاريخية طال انتظارها على مدار أربع عشرة عاما من النضال والتضحيات والتهجير والنزوح.
في دمشق وسط العاصمة وفي ساحة الأمويين تحديدا اجتمع المئات من الشعب عقب صلاة الجمعة التي شهد فيها الجامع الأموي عددا غير مسبوق من المصليين، وكان بينهم القائد أحمد الشرع ورئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير، ولأول مرة شهدت هذه الساحة هذا العدد من الشعب على مختلف الطوائف يوحدهم علم الثورة والأمل بغٍد أفضل.
بينما في مدينة حمص اجتمع الشعب في ساحة الساعة وسط المدينة أعادوا الهتافات والشعارات ورفعوا الأعلام وصدح بينهم صوت حارس الثورة الشهيد عبد الباسط
الساروت.
في ساحة سعد الله الجابري، عادت الحشود إلى المكان الذي شهدت فيه مدينة حلب بداية التهجير قبل سنوات، قال أحد العائدين: “بعد تهجير استمر ثماني سنوات بعد ما طالعونا بالباصات، رجعنا الحمد لله منتصرين، رجعنا على ساحة سعد الله الجابري بعد القسم يلي أقسمناه (ساحة سعد الله، جايينك والله)”.
في مدينة إدلب، حيث عانى السكان طويلا من القصف والنزوح، كانت الاحتفالات بشعور مختلف، قالت شابة مشاركة: “نحتفل بالنصر والحرية بعد سنوات من العيش في الخيام التي لا ترد برد الشتاء ولا تقي حر الصيف، اليوم نحن سعداء لأننا أزلنا ظلم الطاغية وحررنا المعتقلين، عاشت سوريا حرة أبية دون ظلم الأسد”.
وأضافت أخرى: “هذا النصر لكل سوريا ولكل العرب، موبس النا، كنا نرجف من الطيران، الحمد لله خلصنا منهم خلصنا من المجرم والإيرانيين والروس، الله لا يسامحهم على كل نقطة دم من ولادنا ورجالنا ونسائنا”.
وفي حماة حيث المعاناة منذ زمن حافظ الأسد، ضمت ساحة العاصي المئات من الذين رفعوا الرايات وهتفوا “حرية للأبد غصبا عنك يا أسد” بعد عقود من الظلم عاشوها وسبقوا باقي المحافظات إليها في الثمانينيات.
وامتلأت ساحة الكرامة في السويداء بالحشود التي عّبرت عن فرحتها بهذا النصر الكبير. قال أحد المشاركين بحسب مراسلنا في المدينة: “الفرحة عند الأهالي لا توصف، الابتسامات على وجوه الجميع هي لحظة تاريخية، والله يهدي النفوس والأحوال، وتبقى سوريا حرة”.
بدوره، عّبر إحسان مظلوم، أحد سكان السويداء، عن فرحته قائلا: “أهنئ الشعب السوري على هذه الفرحة التي طال انتظارها، وأبارك للحكومة الجديدة، أتمنى منها أن يسود الأمن والاستقرار لأن الشعب السوري بيستاهل”.
أما في مدينة تركمان بارح، فتجمعت الحشود في المدرسة الشرعية، التي كانت مركز انطلاق الثورة في المدينة، قال أحد المشاركين: “نهنئ كل الشعب وكل الإنسانية لأن هذه فرحة إنسانية قائمة على أعداء الإنسانية، أقمنا الفعالية في المدرسة الشرعية لأنها قدمت العديد من الشهداء والمعتقلين من أبنائها”.
هذه نبذة عن الملايين الذين احتفلوا في أغلب المدن والمحافظات السورية مجتمعين بالرايات والهتافات والفرح بالنصر، جمعة النصر ليست مجرد يوم احتفالي، بل هي نهاية حقبة مؤلمة وبداية جديدة مليئة بالتحديات، هذا اليوم يعيد السوريين إلى ذكريات أول جمعة خرجوا فيها للمطالبة بالحرية
في عام 2011 ،تحت اسم “جمعة الكرامة”، التي انطلقت من درعا لتكون شرارة الثورة.
وبين تلك الجمعة واليوم، كتب السوريون تاريخهم بتضحيات كبيرة، واليوم هم على أعتاب مرحلة جديدة يملؤها الأمل بمستقبل أفضل، قائم على الحرية والعدالة.