تدور المعارك العنيفة على مشارف مدينة حماة وسط البلاد، ويعتبر الريف هناك بمثابة الخزان البشري لما يعرف بالشبيحة، حيث توجد معاقل الميليشيات الموالية، لكن إدارة العمليات أكدت أنها ستعطي الأمان لمن يلقي سلاحه، داعية الأهالي لعدم النزوح.
ويسبب هذا التقدم نحو الجنوب خوفا حقيقيا لدى سلطة الأسد من سيطرة الفصائل على حمص، ومن ثمّ دمشق، ما يهدد بقطع الطرق بين الساحل والجنوب، حيث تحدثت مصادر محلية عن مغادرة عناصر الميليشيات والضباط وعوائلهم نحو الساحل خوفا من التعرض للحصار قرب العاصمة.
وتعمل الإدارة العسكرية على طمأنة السكان، ونشر رسائل إيجابية حول الثورة وأحقية الشعب بالدفاع عن نفسه، كما تعمل على عودة الخدمات في أسرع وقت ممكن.
يأتي ذلك بعد أسبوع واحد فقط من إطلاق عملية ردع العدوان، التي شاركت فيها عدة فصائل عسكرية، وفق تنسيق وتعاون مشترك غير مسبوق، فيما انهارت قوات الأسد والميليشيات الإيرانية بحلب وريف إدلب الشرقي خلال أيام قليلة.
وحول أسباب هذا الانهيار السريع، قال المقدم حسن عبد الغني، القائد في إدارة العمليات العسكرية، لموقع حلب اليوم: “نعتقد أن النظام المجرم انهار منذ 2011، لكن استدعائه المحتل الروسي والميليشيات الإيرانية، أنقذه من السقوط المحتوم، واليوم بعد أن تهيأت الظروف، خاضت إدارة العمليات العسكرية هذه العملية”.
ويقول مراقبون إن هذا التقدم السريع، يرجح تحرير كافة الأراضي السورية من قوات الأسد، وإسقاط سلطته بالقوة، بعد رفضها المستمر لكافة الحلول السياسية.
وأكد عبد الغني أن الخطة المرسومة تتضمن “تحرير حلب وما بعد حلب إن شاء الله، وأملنا تحرير دمشق وإعلان سقوط هذا النظام المستبد وعودة المهجرين”.
وفي تعليقه على ذلك؛ قال حسام سلامة القيادي السابق في حركة أحرار الشام الإسلامية، لحلب اليوم، إن دخول حماة سيكون ضربة قاصمة لنواة سلطة الأسد، فالقوات المتقدمة ستكون على أبواب الساحل وعلى أطراف حمص، وبالسيطرة على هذه الحلقة في الوسط ستسقط أرياف كثيرة جدا، أي أن “تحرير حماة إن شاء الله سيكون فتحا كبيرا”.
إدارة العمليات تطمئن الأهالي
تحاول سلطة الأسد استخدام أسلوبها المعهود في التجييش الطائفي، والعمل على تخويف السكان والأقليات من قوات الفصائل، ونشر شائعات حول وقوع انتهاكات وعمليات انتقام وسرقة.
لكن النموذج الذي قدمته إدارة العمليات في حلب وغيرها، أكد زيف تلك الادعاءات، وقد أكدت مرارا حرصها على تحييد المدنيين في منطقة حماة، بل حتى العسكريين الراغبين في الانشقاق وترك السلاح.
وقال عبد الغني عبر حلب اليوم: “رسالتنا لجنود العدو، كانت واضحة وهي الدعوة إلى الانشقاق وقد استجاب منهم المئات، وتجري حاليا تواصلات مع مئات آخرين لتأمين انشقاقهم وتنفيذ عمليات داخل ثكنات العدو ومراكزه، فمن سلّم سلاحه أمنّاه”.
وأوضح أن “إجراءات التأكد من هوية المنشقين تجري وفق عدد من المعايير، تشمل الأوراق الثبوتية وشهادة الشهود، وعن طريق معلوماتنا الأمنية من مصادرنا الخاصة”.
كما لفت إلى أهمية “توحيد الخطاب الإعلامي، فهو بفضل الله خطاب ثورتنا وقضيتنا العادلة، الذي اجتمعت عليه الثورة ومؤسساتها وشعبنا المضطهد، وكل أحرار سوريا في الداخل والخارج مع معركة التحرير”.
هل هناك دعم خارجي؟
حاولت إيران وسلطة الأسد إلصاق شتى التهم بالعمل الثوري، وروّجت أخيرا لتلقي الدعم من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل عبر الربط بين الأحداث في سوريا والحرب بلبنان.
لكن عبد الغني أكد أن “العملية نتاج الداخل وبجهود ذاتية من غرفة العمليات العسكرية وجموع المهجرين الذين توافدوا لتحرير بلداتهم وقراهم بدعم شعبنا الوفي، وبمشاركة الفصائل الثورية من خلال تنسيق كامل مع إدارة العمليات العسكرية.
وفي رسالة وجهها “لشعب سوريا العظيم”، قال: “نحن أصحاب حق وأصحاب قضية عادلة، هدفنا تحرير سوريا من بطش النظام الغاشم وطرد الميليشيات الإيرانية، وبناء سوريا المستقبل سوريا العراقة والحضارة خالية من أي استبداد، ينعم فيها الناس بالأمن والٱمان والكرامة”.
بدوره قال سلامة إن هناك تغيرات في الموقف الدولي من القضية السورية، “خاصة بعد طوفان الأقصى ودخول المنطقة في صراع إسرائيلي – إيراني، حيث تداخلت الملفات جدا، وهذا الأمر فتح متنفسا للثورة السورية”.
وأدت هذه التطورات الأخيرة في المنطقة إلى خلخلة السيطرة الإيرانية وتخلي روسيا عن سلطة الأسد، بطريقة لا نعرف أبعادها وأسبابها بشكل دقيق حتى اليوم.
وأضاف أن هناك تغيرا واضحا في الموقف الدولي، مرتبطا بتخلي الروس عن الأسد، حيث عاد إلى ضعفه وترهله، وهو ما يفسر أسباب الانهيارات، فسلطة الأسد انتهت منذ عام 2013 بل قبل ذلك، لكن مساندة إيران له، ومن ثم روسيا حالت دون ذلك.
بدوره قال حسام نجار الكاتب والصحفي السوري، والمحلل السياسي الدولي، لموقع حلب اليوم، إن التقدم السريع لإدارة العمليات العسكرية على الأرض كان من أسباب هذا التغيير الواضح في الموقف الدولي من الملف السوري، فضلا عن التطورات والأحداث الدامية التي حصلت لحزب الله وإيران في المنطقة، وأيضا الموقف الأوروبي بعد اعتقال العائدين من دولهم لسوريا وتصفيتهم، حيث هناك تصريحات من بعض أعضاء مجلس النواب الأوروبي بأنهم مستعدون للإعتراف بهذا التقدم بعد المعاملة الجيدة من إدارة العمليات للسكان المحليين، حيث يشكل ملف اللاجئين ووقف موجات الهجرة أهمية لدى الدول الأوروبية.
وكانت تركيا قد نفت بشكل قاطع تدخلها في عملية ردع العدوان، مؤكدة أنها قامت بأيدي السوريين من أصحاب الأرض، الراغبين بالعودة لمنازلهم وأراضيهم، والخلاص من الظلم الواقع عليهم.