حرصت إدارة العمليات العسكرية على تطمين السكان وخصوصا الأقليات في حلب وعموم البلاد، بشأن حقوقهم ومستقبلهم، بينما تواصل تقدمها السريع باتجاه الجنوب.
وحققت الإدارة أداء ملفتا للنظر في معاركها الجارية ضد قوات الأسد والميليشيات الإيرانية، إن كان على الصعيد العسكري أو المدني، وفيما اتجهت الأنظار لمصير مدينة حلب وسكانها بعد تحريرها، طمأنت السكان بكل أطيافهم، وأمنت كافة المواقع والمنشآت الحيوية، وحافظت على مؤسسات الدولة.
وقال المطران “أفرام معلولي”، في بيان وجهه إلى المسيحيين بالمدينة، إن “الصلوات ستبقى مستمرة في الكنائس حسب الظروف والمعطيات المتوفرة”، داعيا “من بقي في حلب إلى أن يتجنب التجول وأن يتحلى بالهدوء والصبر”، مضيفا: “نحن بخير وباقون في حلب إلى جانب رعيتنا وفي كل الظروف من أقساها إلى أحلاها وسنكون لرعيتنا سندًا عند الحاجة”.
وقال الكاتب الصحفي السوري، أيمن الشوفي، لموقع حلب اليوم، إن “ما وصل من فيديوهات منذ دخول الإدارة العسكرية وهيئة تحرير الشام إلى حلب كان مطمئنا إلى حد ما، حيث لم يكن هناك ترويع للأهالي، ويبدو أن هناك تقبلا في أوساط السكان لهذا الدخول ورأينا كيف كانت الحياة طبيعية في حلب”.
وأضاف: “هناك طبعا قلق لدى السكان لكن ممارسة الإدارة العسكرية حتى الآن تبدو مطمئنة إلى حد بعيد ونأمل أن تظل المسائل ضمن هذا الإطار لأن التحرير ينبغي أن يكون باستبدال السلطة الاستبدادية القائمة بسلطة أخرى أكثر عدالة وديمقراطية، وأن يكون هناك تقبل للآخر المختلف، وإلا فما الفائدة من استبدال سلطة مستبدة بسلطة مستبدة أخرى؟”.
وأوضح مراسل حلب اليوم، أن الإدارة وجهت تعليمات صارمة لعناصرها بعدم ترويع الأهالي، والحفاظ على ممتلكاتهم، وتحويل من يتم القبض عليه من السكان لارتكابه مخالفات إلى القضاء، والحرص على ترك انطباع إيجابي لدى السكان.
يرى الشوفي، وهو ابن محافظة السويداء، أن المطلوب من إدارة العمليات العسكرية، المضي في هذا الشكل من العمل المدني وتعزيزه، إلا أن “مسألة تطمين الأقاليات مهمة جدا لأن الحالة الأيديولوجية التي ترافقت مع دخول حلب يرافقها طبعا بعد ديني وعقائدي، وفي سوريا يوجد تنوع عرقي وإثني وأيديولوجي”.
وفي حلب – يضيف الكاتب السوري – “هناك سريان وشركس وأكراد.. المجموع البشري في حلب متنوع وغني ويحتاج إلى احترام هذه الخصوصية، ونأمل أن يبقى هذا الخطاب المنفتح على الآخر من قبل الإدارة قائما، وأن تبقى منفتحة على النقاش والحوار مع باقي مكونات الشعب السوري”.
الترفع على اللغة الثأرية
اعتاد السوريون على سماع أخبار المجازر مع كل دخول كانت تقوم به قوات الأسد إلى أي مدينة أو قرية في سوريا، وهو ما أثار بعض المخاوف في حلب بسبب تلك الصورة النمطية، وبسبب ما كانت تبثه وسائل الإعلام الموالية من قصص ملفقة تكيل الاتهامات للفصائل العسكرية، وفقا لما أفاد به مراسلنا.
وأوضح أن هذا القلق يتزايد في المناطق التي تضم غالبية من السكان المسيحيين، وخصوصا الأكراد، بسبب المعارك والمواجهات التي اندلعت في السابق بين الفصائل وقوات قسد ووحدات الحماية ypg، حيث ارتكبت الأخيرة انتهاكات واسعة بحق السوريين.
وتسيطر قسد على عدة مناطق بحلب هي أطراف الميدان والصاخور ومحيط الأشرفية وبني زيد والخالدية، إضافة إلى السريان القديمة ودوار الليرمون ومنقطة شيحان وأطراف شارع فيصل.
لكن إدارة العمليات تؤكد أنها لا تحذو حذو قوات الأسد في الانتقام العشوائي، أو التصفية أو العقاب الجماعي، وأن كل من لم تتلطخ أيديهم بالدماء هم في مأمن، أيا كان انتماؤه.
ويلفت الشوفي هنا إلى أهمية الابتعاد عن مبدأ المعاملة بالمثل، مضيفا أن “قوات الأسد كانت ترتكب انتهاكات عندما تقتحم المناطق الثائرة وكانت بعض المجموات أيضا ترد بالمثل في فترات سابقة وهذا ما هزّ ثقة الناس بالجهات التي تتناوب على السيطرة في المدن والقرى سواء أكانت من النظام أو فصائل المعارضة.. آن الأوان للاستفادة من أخطاء الماضي لدى الجميع”.
وأكد أن “المعاملة بالمثل يجب أن تُقصى عن العمل الثوري الهادف إلى التخلص من نظام بشار الأسد والسلطة المستبدة، ومن المهم جدا الترفع عنه لأجل بناء ثقة حقيقية بين الشعب وبين أي سلطة ناشئة سواء كانت عسكرية أو سياسية.. من المهم جدا عدم الوقوع في أفخاخ الماضي”.
وأوضح أن “الترفع عن اللغة الثأرية هو من شيم العمل الثوري، ونتمنى أن تتسع دائرة المناطق المحررة أكثر مما تتوسع حاليا وان يصل الثوار ليس فقط إلى حماة بل إلى دمشق والسويداء ودرعا وطرد النظام وأجهزته الأمنية والقمعية من الجنوب السوري، وبذلك تتلاقى كل المناطق في سوريا باللون الأخضر”.
وكان الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ “حكمت الهجري” قد أكد في بيان “الدعم المطلق لحق أصحاب الأرض بالعودة إليها واستعادة حقوقهم”، واصفا ما يجري بأنه “منعطف تاريخي لإنهاء الصراع وإيقاف آلة قتل السوريين ومن تسبب بتشريدهم وتهجيرهم على مدار السنوات”.