أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بداية تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان، محذرا في الوقت نفسه بشار الأسد من “اللعب بالنار”، مضيفا أن تل أبيب ستركز جهودها على مواجهة إيران في الفترة المقبلة.
وقال نتنياهو في كلمة متلفزة مساء أمس الثلاثاء، إن المجلس الوزاري المصغر “الكابينت” وافق على اتفاق الهدنة المؤقتة، بعد عرضه على مجلس الوزراء لمناقشة خطوطه العريضة، حيث أن “مدة وقف إطلاق النار تعتمد على ما سيحدث في لبنان”.
لكن ذلك لا يعني نهاية الحرب، حيث أضاف الأخير قائلا: “لن تنتهي الحرب حتى نحقق جميع أهدافنا، ونعيد سكان الشمال إلى ديارهم”.
وفي أول تهديد علني من نتنياهو لبشار الأسد، قال في عبارة مقتضبة إن “عليه أن يفهم أنه يلعب بالنار”، مهددا بتقويض حكمه في سوريا، دون ذكر إيضاحات، سوى أنه حذّره من السماح بمرور الأسلحة لحزب الله.
وقال حسام نجار الكاتب والصحفي السوري، والمحلل السياسي الدولي، لموقع حلب اليوم إن الأحداث بينت أن الأسد هو الطرف الأضعف في المعادلة القائمة حاليا بموجب الاتفاق الذي تم بين دول عربية وإسرائيل عن طريق الولايات المتحدة، وهو طرف فيه.
وأضاف أنه “الحلقة الضعيفة التي لم تستطع تثبيت موقفها بشكل قوي وجدي، ذلك أنه يتأرجح بين عدة قوى تلعب به وبشكل يثير الاستغراب، فقد أقر بأنه سيتبع التعليمات بشكل دقيق لكنه وبطبيعة الحال لا يسيطر على تحركات جيشه وقيادات أمنه التي تعتبر مخترقة بشكل لا يوصف”.
وتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي في كلمته إلى “الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد أذرع إيران في سوريا والعراق واليمن”، وقال إن “وقف إطلاق النار مع لبنان يسمح لنا بالتركيز على التهديد الإيراني، ولن أخوض في ذلك بالتفصيل”.
ورأى متابعون في ذلك تمهيدا للتفرغ للساحة السورية، من أجل القضاء على حزب الله فيها، حيث يُناط بالأسد لعب دور أساسي في ذلك بالتعاون مع الروس.
من جانبه وضع أيوب تلك التصريحات في إطار التهويل، متسائلا متى وقفت الطائرات الإسرائيلية عن استهداف سوريا؟، ومضيفا بالقول إن “إسرائيل منذ أكثر من عقد تستهدف سوريا بشكل يومي، والأسد لم يعد حتى يندد أو يشجب، وهي تعلم أن سوريا ممر لسلاح حزب الله من إيران، وكثير من مواقعه كان ضباط الأسد ومخابراته هم من يدلون الإسرائيليين عليها”.
واعتبر أن “هذا التهديد إعلامي فقط، والأسد آمن على حياته ما دام أنه يتعاون مع إسرائيل فهي من أبقته في السلطة”.
وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قد جددت غاراتها الجوية على مواقع حزب الله وقوات الأسد في ريف حمص الشمالي والغربي، قرب الحدود مع لبنان، ووردت معلومات عن استهداف 10 شاحنات أسلحة بالمنطقة.
ولفت نجارإلى زيارة لاريجاني ورئيس الأركان ووزير الخارجية الإيراني لدمشق، معتبرا أنها “دلالة على أنهم يريدون بقاء الأسد في نفس المحور وتلك الزيارات حملت تهديدات معلنة له، لذلك عمل على إجراء تغيير مستمر لحرس قصره”.
واضاف: “بالطبع يعلم نتنياهو أن الأسد في حالة من الضعف بحيث لا يستطيع تقرير أو تحديد ما يحصل داخل سلطته، لذلك يرسل له هذه الرسالة بصفته رئيساً وخاصة أن أخاه ماهر والضباط المتنفذون هم عماد بقاء دولته وهم خارج السيطرة وهو غير قادر على التحرك إلا بالنذر اليسير”.
ووفقا للمحلل السياسي الدولي، فإن الأسد “يعلم علم اليقين أن بقاء حكمه أو زواله ليس بيد إيران، لكنه يحاول اللعب على كل الحبال لعله ينجو أو يستفيد من كل الأطراف وبالتالي نجده يغيّر مواقفه واصطفافه في مناسبات كثيرة، حيث طلب من العرب وإسرائيل دعمه عسكرياً لإخراج حزب الله وإيران من سوريا لأن هذا يعزز الأوراق التي يضغط بها على إيران وخاصة أنه أصدر قرارات عديدة بما يخص وجودهم في سوريا”.
لكن أيوب يرى أن “بشار الأسد هو آخر الأهداف التي يمكن أن تقصفها إسرائيل في سوريا.. ما دام أنه هجر نصف الشعب السوري بطيرانه ومدفعيته وصواريخه وغيرها فلا داعي أن يُستهدف، أعتقد أن هناك علاقة خفية بين إسرائيل والأسد من تحت الطاولة، ومن أجل هذا بقي صامدا على كرسيه بالرغم من الجرائم والمجازر التي ارتكبها بحق الشعب السوري أما هذا التهديد فهو غير مهم”.
ورجّح أن “الضربات على سوريا ستستمر بالرغم من وقف إطلاق النار في لبنان فقد تحولت لمسرح للطيران الإسرائيلي مع وجود حاكم مثل بشار يسخر كل إمكانات الدولة لقهر الشعب ولخدمة العدو، ولو أرادوا قتله لفعلوا منذ زمن”.
بدورها اعتبرت وكالة الأناضول في تحليل أن إعلان نتنياهو بأنه سيركز على إيران، وتأكيده أن الحرب لن تتوقف قبل تحقيق “النصر”، أثار “تكهنات باحتمال شن إسرائيل عدوانا واسعا ومكثفا على سوريا، بعد سنوات من غارات متقطعة منذ عام 2011”.
وبحسب التحليل فإن “ما تحظى به إسرائيل من دعم الولايات المتحدة على المستويات العسكرية والمخابراتية والسياسية، فضلا عن غطاء في مجلس الأمن الدولي توفره واشنطن عبر سلطة النقض، يدعم ذلك الاحتمال”.
ويرى نجار أن الأسد “سيخضع بشكل كامل للأوامر الإسرائيلية لأن هذا فيه نجاة لرأسه وسيعمل العرب حسب الاتفاق على الإنعاش المبكر من خلال سداد ديون إيران عليه، كما سيسعى الأسد لتقليص نفوذ إيران الثقافي والأيديولوجي وكذلك الديمغرافي قدر الإمكان، أما بالنسبة لتنفيذ القرار 2254 فسيكون بشكل مختلف؛ خاصة أن لتركيا تصريحات مقلقة للمعارضة وتحرص على التطبيع مع السلطة”.
وكان وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده قد زار العاصمة السورية دمشق، بعد أكثر من أسبوع على رأس وفد أمني رفيع، بعد يوم واحد من زيارة علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، إلى سوريا ولبنان.
وقال لاريجاني بعد لقائه ببشار الأسد وعدد من مسؤولي السلطة، إنه نقل رسالة من المرشد الإيراني الأعلى إلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، وإلى الأسد دون أن يكشف عن مضمونها، ليُعلن بعد ذلك أن الأسد “تلقى الرسالة بإيجابية”.